تعديل سلم رواتب الموظفين بين المزايدات السياسية والواقعية بالتطبيق
الاستاذ المهندس حامد الموسوي
نعمل منذ الدورة السابقة لمجلس النواب العراقي مع مجموعة من الخبراء الاقتصاديين لإيجاد موديل اقتصادي قابل للتطبيق يسمح بتعديل سلم الرواتب الخاص بموظفي الدولة دون ان يرهق كاهل الموازنة العامة والتي تعاني العجز اصلا ، سلم الرواتب الحالي يؤشر الى تبايناً حقيقياً في الرواتب يبين مدى الحيف والظلم الذي يقع على عدة شرائح من الموظفين إذ أن هنالك فوارق تصل للأضعاف لصالح رواتب بعض الوزارات والمؤسسات الحكومية قياساً برواتب غالبية مؤسسات الدولة ولا بد من تعديلات منصفة لتحقيق العدالة بعيداً عن المجاملات والمحسوبيات الا انه اخيرا تحول للأسف الى مادة اعلامية للبعض خاضها العديد من السادة النواب والمسؤولين وصار الموظف العراقي حائر بين من يؤكد المضي بالتعديل وبين من ينفي …
والصحيح كما نعرفه ان مجلس الوزراء وهي الجهة الوحيدة التي يمكنها اقتراح صيغة قانونية لسلم جديد للرواتب ولا بد من تصويت نيابي عليها لتكون قانوناً ملزماً وان اي توجه في موازنة العام الحالي لا وجود له على الإطلاق والحقيقة أن المقترح قيد الدراسة في الأمانة العامة لمجلس الوزراء كجهة حكومية بالتنسيق مع اللجنة المالية النيابية ولا يوجد احد الان أي صيغة متوافق عليها والموضوع لا يعدو سوى كونه في إطار الدارسة
لذلك نود بهذا الخصوص ان نوضح لمن يهمه الامر ما يلي :-
١- ان آخر سلم رواتب أقره مجلس النواب العراقي صدر في عام 2008 قبل 15 عاماً وأي سلم رواتب جديد لن يصدر بمفرده ما لم يكن جدولاً ملحقاً بقانون الخدمة المدنية الذي لم يشرع حتى الآن وما زال حبيس أدراج مجلس النواب منذ العام 2015 وان الحكومات الثلاث الأخيرة كررت إرسال مقترح القانون منذ العام 2015 وفي أكثر من مرة سحبته الحكومة لوجود خلافات بشأنه أو رفض شعبي وخاصة مقترح الحكومة السابقة أيام الأزمة المالية.
٢-ان النسخ التي سربت لمواقع التواصل ما هي إلا مقترح قانون لم يرسل من الحكومة ولم يصدر قراراً بشأنه مطلقا وما احتواه من مقترح برفع رواتب الدرجات الدنيا يحتاج الى مبالغ اضافية كبيرة قد تسهم في زيادة نسبة العجز في الموازنة والمقدرة بأكثر من 63 ترليون دينار وفقاً للحكومة وهو ما يعني استحالة تطبيقه هذا العام لا سيما ان القرارات الحكومية الأخيرة التي سمحت بتحويل الأجور إلى عقود وتثبيت العقود وتعيين الطلبة الأوائل وحملة الشهادات سمحت بإضافة اكثر من 750 ألف شخص لكيان الدولة الوظيفي وزادت انفاقها بحدود 20 ترليون دينار وأن فقرة الرواتب في الموازنة ارتفعت من 42 تريليونا إلى 61 تريليونا.
٣-ان المادة ٣٣ (اولا وثانيا ) من مشروع قانون الخدمة المدنية الاتحادي الذي قرأ قراءة اولى في البرلمان ان وضع سلم الرواتب سيكون بنظام يصدر من مجلس الوزراء بعد ان كان جدول ملحق بقانون الرواتب رقم ٢٢ لسنة ٢٠٠٨ اي جزء من قانون والان سيصبح جزء من نظام يصدره مجلس الوزراء. مما يعني انه بإمكان مجلس الوزراء ان يعدل الرواتب كيفما يشاء صعودا او نزولا دون وجود قيود او محددات وهو ما يعترض عليه اصحاب الرواتب العالية بخلاف قانون الرواتب الحالي الذي سمح لمجلس الوزراء التعديل في حالة التضخم الاقتصادي فقط اي الزيادة بالراتب وليس النقصان.. ولكن الفقرة الجديدة بالمشروع الغت ذلك وستجعل الامر متاح لمجلس الوزراء اي كيفما يشاء ومهما كانت الاسباب.
٤- بالإمكان دراسة اعتماد سلم رواتب متعدد وعدم الاعتماد على سلم واحد لرواتب الموظفين حيث ان هناك ظلم ليس على مستوى الوزارات فحسب بل على مستوى الوزارة الواحدة وهناك حاجة لمراجعة العناوين الوظيفية ومعدل دخل كل عنوان وظيفي، حيث ان سلم الرواتب المقترح بحاجة الى إعادة نظر كونه لا يميز بين العناوين الوظيفية على أساس حاجة الوزارة للعنوان والشهادة المطلوبة، اذ يفترض ان يكون هناك سلم رواتب لكل عنوان وظيفي بحيث يتم ضمان راتب الحد الأدنى وكذلك الاعلى فمن غير المعقول ان يكون هناك تباين كبير بالراتب لنفس العنوان الوظيفي بين الوزارات، اذ ماتزال هناك فرصة لتصحيح الرواتب ضمن الموازنة، بحيث لا يتم اللجوء الى إضافة تخصيصات مالية جديدة، اذ بالإمكان ان يعاد تبويب التخصيصات المالية لضمان تمويل الموظفين ضمن الوزارات.
٥-مع تسارع الحكومة بالمضي بأتمتة القطاعات المالية والمصرفية والرواتب والعقارات والشركات والتي ستوفر للحكومة ودوائرها الضريبية الايرادات المتحققة للأفراد والمجموعات مما تسمح بالاستقطاع الضريبي المدور (ضريبة الدخل تختلف من شخص الى اخر وحسب ايراده السنوي الفعلي) وهو المعمول به في اغلب دول العالم حققت العدالة الاجتماعية من خلال النظام الضريبي المدور والذي يحتاج الى امرين اكمال الاتمتة الالكترونية لكل المفاصل الاقتصادية وتعديل قانون ضريبة الدخل رقم (١١٣) لعام ١٩٨٢ .