المفقودون ودور دائرة شؤون وحماية المقابر الجماعية
دراسة في الاطر القانونية للبحث عن المفقودون ورؤية دائرة شؤون وحماية المقابر الجماعية في تحقيق أهداف الملف
- المقدمة
نتيجة ما مرَّ به العراق من ظروف استثنائية أُثر الحروب وسياسيات القمع والتهجير جعلت موضوعة المفقودين من الموضوعات المتصدرة للمشهد العراقي كونها تتعلق بمصير مجتمع فقد أحبته مما يحتم على الحكومة العراقية معالجة ما ورثته من اخطاء جسيمة لحقوق الانسان وما يترتب على هذه الانتهاكات من حتمية مفادها جبر الضرر، لذا فأن تصاعد المطالبات سواء كانت تهدف الى تحقيق المحاسبة او التعويض بين الحين والاخر، جعلتها موطن حاجة للباحثين والمتصدرين لوضع القوانين المعنية بمتابعته ووضع التشريعات المناسبة له.
وقبل البدء لابد من الاشارة الى الحقائق الاساسية بداية من الدستور العراقي الذي اشار الى منع اعمال الاعتقال او التحقيق الا بموجب قرارت قضائية نافذة (المادة 15،19) كما الزم القانون ادارات السجون بضرورة اشعار ذوي السجين او المحتجز في حال النقل او المرض او الوفاة. وان قرار تصنيف او وصف حالة الاختفاء او الفقدان هو من اختصاص القضاء حصراً على ضوء التحقيقات والاوراق التحقيقية والقانونية التي تعرض أمامه حيث يوجد المغيب القسري ويوجد المفقود نتيجة اعمال عنف، أعمال طائفية، جنائية ، حروب.
وبهذه الاشارة يمكن أن نبين اهتمام سعة التشريعات العراقية في منع ومعالجة حالة الفقدان لضمان حقوق الانسان وبعيداً عن ممارسة الانتهاكات والفقدان، الا انه ومع ذلك لوحظ تغييب ما يقارب الالاف من ابناء الشعب العراقي واستخدمت عدة اساليب لاخفاء جريمة التغييب منها الرمي في احواض التيزاب والقاء الضحايا الى الحيوانات المفترسة والابرز هو اخفاء الضحايا في قبور جماعية والتي توزعت على مساحات كبيرة من اراضي العراق وتجاوزت اعدادها المئات من المقابر الجماعية ، لذا ومن هذا المنطلق يتبين اهمية تسليط الضوء على الاليات الوطنية للبحث عن المفقودين والتركيز على دور دائرة شؤون وحماية المقابر الجماعية في مؤسسة الشهداء التي ساهمت بشكل كبير في وضع التدابير اللازمة والاجراءات السريعة في البحث عن المفقودين ومن خلال ذلك السعي الى وضع الاجراءات الوقائية والعلاجية، وما يمكن أن يوضع كأساس ينفع في تناول الحلول والمعالجات، ومن المهم الاشارة الى ان الموضوع لم ينل حظه من الدراسات التي ينبغي ان تدرس بشكل مفصل ومن حيثيات عدة قانونية وتاريخية واجتماعية وغير ذلك، لذلك جاءت الدراسة لتتناول المفاصل الرئيسة في الموضوع من خلال مبحثين الاول تضمن البحث عن المفقود وفيه تم استعراض الاطر القانونية للبحث عن المفقود والجهات الوطنية المعنية بالبحث عن هذا الملف ، وتركز البحث في المبحث الثاني على دور دائرة شؤون وحماية المقابر الجماعية في ثلاثة مطالب وهي بحث قضايا الفقدان القضائية والتنفيذية واليات العمل ورؤية الدائرة في تحقيق الاهداف المطلوبة، لتنتهي بخاتمة وثبت للمصادر, سائلا المولى عز وجل ان التوفيق انه نعم المولى ونعم النصير.
- البحث عن المفقود أو المختفي
- الأطر القانونية (الآليات)
قبل استعراض القوانين المتعلقة بالمفقود واحكام الفقدان سنتناول تعريف المفقود لغة وهو ما جرت العادة عليه ان يستعرض التعريف لغوياً واصطلاحاً أستكمالاً للبحث فقد ورد في اللغة تعريف المفقود: بأنه الضائع او المعدوم، يقال فقد الشيء فقداً وفقداناً: ضله وضاع منه، فيقال فقد الكتاب: خسره ، ويقال فقدت الزوجة زوجها فهي فاقد والمفعول مفقود وفقيد، ففقد الشيء اي اضله وفقده وهذا المعنى متحقق في المفقود، فقد ضل عن اهله[1].
اما تعريف المفقود وفقاً للقوانين العراقية، فقد جاء في القانون المدني العراقي: المفقود بأنه من غاب بحيث لا يعلم ان كان حياً ام ميتاً، يحكم بكونه مفقوداً بناء على طلب كل ذي شان [2]، كما عرّف قانون رعاية القاصرين : المفقود بأنه الغائب الذي انقطعت أخباره ولا تعرف حياته أو مماته[3]. ولابد من الاشارة الى قانون رعاية القاصرين فرق بين مصطلحي المفقود والغائب، فعرف الغائب : بأنه الشخص الذي غادر العراق او لم يعرف له مقام فيه مدة تزيد على السنة دون ان تنقطع اخباره وترتب على ذلك تعطيل مصالحه او مصالح غيره .[4]ولم يكتف المشرعون بالاحاطة في المفهوم بل تم التفريق بين المفقود والغائب للتمكن من التفريق بين الحقوق والمتعلقات على جانب أخر[5]، والايجاز في ذكر التعريفات هنا مناسب كون المسألة ليست محل بحث من هذه الحيثيات بقدر الاطلاع على أصل المفردة وأهميتها في التشريعات العراقية، وللاشارة فان لفظة المفقود تشمل الذكور والاناث.[6] اما دولياً فقد تناول مصطلح المفقود مجلس حقوق الانسان التابع لمنظمة الامم المتحدة اذا اشار الى ان المفقودين: هم أولئك الأشخاص الذين انقطعت أخبارهم عن أسرهم والذين يبلَّغ عنهم، على أساس معلومات موثوقة، بأنه لا يُعرف مصيرهم نتيجة نزاع مسلح دوليأ وغير دولياً. [7]
وهذا الاستعراض للمفاهيم يعطينا صورة اولية عن الحاجة الاساسية لبحث القوانين المتعلقة بالمفقودين ومنها يتضح ان المفقودين يمكن أن يكونوا أحياءً أو متوفين وباستعراض هذه القوانين يُسلط الضوء بشكل اكبر على الموضوع وبهذا يمكن تقسيم المبحث الى قسمين البحث عن الأحياء والبحث عن المتوفين وهي كما ترد في التصنيف الأتي :
أولاً: البحث عن الإحياء
تعددت التشريعات الوطنية التي تعالج حالة المفقود الذي يحتمل ان يكون حيا او الفترة الزمنية لاحتماليه بقاءه حياً، ولم تظهر ادلة تشير الى وفاته، هذه التشريعات تهدف الى تنظيم مصالحه المالية وغير المالية وكذلك مصالح ذوي المفقود، حيث تناولت كل ما من شأنه يتعلق بحقوقه وحقوق أسرته وعلاقته بالمجتمع بشكل عام كما تضمنت هذه التشريعات اجراءات وقائية للحيلولة دون الفقدان (استناداً الى النصوص الدستورية والتي سبق ذكرها) إضافة الى إجراءات للبحث عن المفقود وتوقيتات زمنية تحدد المراحل الانتقالية لتنظيم علاقة المفقود ومعاملاته بكل ذويه وكل ذي مصلحة، مما تقدم نود الاشارة الى ان التشريعات هي ذات بعد علاجي للمسألة أكثر من كونها أجراءات تدبيرية[8] احترازاية والتشريعات التي تناولت ذلك هي:
- القانون المدني العراقي رقم (40) لسنة 1951 وتعديلاته.
- قانون العقوبات العراقية رقم (111) لسنة (1969)
- قانون أصول المحاكمات الجزائية رقم (23) لسنة (1971) وكذلك رقم (17) لسنة (2008)
- المذكرة رقم (2) لإدارة السجون والصادرة عن سلطة الائتلاف المؤقتة.
- قانون إصلاح النزلاء والمودعين رقم (14) لسنة 2018.
- قانون مفوضية حقوق الانسان رقم (35) لسنة (2008)
- مذكرة سلطة الائتلاف المنحلة رقم (57) لسنة (2004)
- قانون المفتشين العموميين رقم (1) لسنة (2011)
- اتفاقية حماية جميع الاشخاص من الاختفاء القسري لسنة (2010)
- الاوامر الديوانية
- الاوامر والتعليمات.
تتم العملية من خلال تقديم طلب الى مركز شرطة محل الفقدان او محل سكنه ويذهب الطلب الى القاضي المعني ، فيتم البحث في مراكز الاحتجاز من خلال مخاطبة الادارات السجنية ومراكز التوقيف، وفي حالات يتم النشر في الصحف المحلية والرسمية ومفاتحة المنافذ الحدودية ، وضرورة مواكبة التطور بغية الاستعانة بالرسم التقريبي.
ثانيا: البحث عن المتوفين
البحث عن المفقود ممن تم تغييبه واخفائه في قبور جماعية او فردية او الغاءه في مناطق نائية قد تناولت قوانين صدرت بعد عام 2003، وذلك بسب ان السياسة القمعية لنظام البعث البائد لم تك تسمح بالسير في اجراءات تشريع مثل هكذا قوانين حيث لم يك هناك اعتراف بسياسيات التغييب التي كان يتبعها بحق الافراد من معارضين سياساته ومناوئيه. لذلك صدر قانون حماية المقابر الجماعية رقم (5) لسنة 2006، وكان يسري فقط على المقابر الجماعية التي ارتكبت قبل عام 2003، وقد تضمن هذا القانون جملة من الاليات الهادفة الى البحث عن المفقود مصيره وتنظيم ملفات قانونية تساعد القضاء في معاقبة مرتكبي هذه الجرائم والانتصاف لذوي الضحايا، كما جاء هذا القانون بتعريف المقبرة الجماعية بانها : ( الارض التي تضم رفات اكثر من شهيد تم دفنهم او اخفائهم على نحو ثابت دون اتباع الاحكام الشرعية والقيم الانسانية الواجب مراعاتها بعد دفن الموتى وبطريقة يكون القصد منها اخفاء معالم جريمة ابادة جماعية يقوم بها فرد او جماعة او هيئة وتشكل انتهاكا لحقوق الانسان).[9] ونتيجة لاستمرار السياسية الهمجية التي تهدف الى التجاوز على حق الفرد بالحياة، واقتراف كثير من جرائم الابادة والحرب من قبل الجماعات الارهابية والتكفيرية وعدم سريان القانون اعلاه على هذا النوع من المقابر فقد اصبح لزاما الى اصدار تشريع جديد يشمل هذا النوع من المقابر، فصدر تشريع قانون رقم (13) لسنة 2015 وتعليماته بالرقم (1) لسنة (2019)، ونتيجة لاناطة القانونين الدور الرئيسي الى دائرة شؤون وحماية المقابر الجماعية ودائرة الطب العدلي فقد تم العمل على تطبيق قانون الطب العدلي رقم (57) لسنة 1987، والتعديل رقم (37) لسنة 2013، وقانون الطب العدلي في اقليم كردستان من رقم (1) لسنة 2001، كون هذه القوانين قد نظمت أيضا اليات اصدار التقارير الطبية الفنية التي يعتمد عليها في اصدار وثيقة تحقيق الهوية واعتمادها امام المؤسسات الرسمية وغير الرسمية مع امكانية الطعن بهذه الوثيقة المستندة الى هذه التقارير امام محاكم الاحوال الشخصية وفق حدود زمنية اشارت اليها القوانين اعلاه.
وعملية التكامل الذي تبديه دائرة الطب العدلي في البحث عن المفقودين من خلال عدة اجراءات إذ نص قانون الطب العدلي في الاهداف: المساهمة في التحري عن المفقودين وأعمال المقابر الجماعية وإجراءات الفحوصات التكميلية .[10]وان عمل الدائرتين يلتزمان خطاً واحداً في العمل من حيث احالة الملف اليهما من قبل الجهة القضائية، الا ان اجراءات الطب العدلي تأتي متاخرة وهدفها الاطلاع على حالة الموتى وبيان سبب الوفاة بناءً على كتاب المحكمة او المحقق.[11]
ولابد من الاشارة الى التداخل الكبير الذي حدث في العراق بعد عام 2003م، بين القوانين التي حددت الجهات المختصة والاليات التنفيذية للبحث والتحري والممارسات الفعلية، وبين ما تقوم به بعض الجهات الوطنية غير المختصة كالجهات الامنية، وكذلك الاهالي وذوي المفقودين الذي توجهوا الى المقابر التي تم العثور عليها ومورست عمليات النبش والحفر العشوائي لاستخراج الرفات منها محاولة للتعرف على ذويهم. وهذه مخالفة صريحة لقانون المقابر الذي نص على: عند التحقق من وجود مقبرة جماعية في مكان معين تضع الوزارة يدها بقرار صادر من القضاء على المكان ويتم البحث والتنقيب فيه لحين الانتهاء من الإجراءات خلال سنة واحدة قابلة للتجديد مرة واحدة [12].وهذا النص قاض بعدم جواز فتح المقابر الجماعية وايلاء الامر الى الدائرة المعنية التابعة لمؤسسة الشهداء ووزارة حقوق الانسان الملغاة سنة 2015م سابقاً.
تعد ظاهرة تجاوز الاختصاص ومحاولة فتح القبور من قبل جهات غير متخصصة ظاهرة خطيرة تساهم في اخفاء معالم الجريمة والحقبة التاريخية من الاضطهاد التي تعرض له ابناء الشعب العراقي اثر سياسيات حكومة ما قبل عام 2003، وفيما بعده من عمليات ارهابية التي لم تقل خطورة عن السياسات القمعية للبعث، كذلك يعقد من عملية تصنيف العظام واجراء المطابقة للنموذج العظمي مع العينات (الدم) المرجعية الماخوذة من عوائل المفقودين، حيث يتم رفع الرفاة بشكل مختلط. وبفضل الجهات المختصة والمعنية والاعلام تم الحصول على توصيفات لهذه الجرائم على المستوى الوطني والدولي ايضاً، وعلى سبيل المثال، ماصدر من قرار لمجلس النواب لسنة 2014م، رقم (4) وصف مذبحة سجن بادوش بانها جريمة ابادة جماعية، وكذلك التوصيفات التي صدرت من الفريق الدولي المعني بالتحقيق بجرائم داعش (اليونتاد) فقد أوضح المستشار الخاص كريم خان في إحاطته الى مجلس الامن حول تحقيقات فريق التحقيق (نتائج التقرير السادس) بان الادلة تظهر ان هجمات تنظيم داعش ضد المجتمع الايزيدي في سنجار تُشكل إبادة جماعية، وان التنظيم ارتكب جرائم حرب وحرّض على الابادة الجماعية ضد المسلمين الشيعة.[13]
وبالإجمال يمكن تسليط الضوء على ابرز الأسباب التي دعت الى التأخر في فتح المقابر وتشجيع البعض على العبث في المقابر والتداخل في صلاحيات العمل أحياناً هي:
1- ضعف التخصيصات المالية المتوفرة والتي ساهمت بشكل ملحوظ في تأخير كثير من عمليات الفتح، مع كثرة هذه المقابر وصعوبة العمل فيها التي تحتاج الى جهات دولية ساندة وداعمة ايضاً.
2- بعد امكنة المقابر عن المدن الرئيسية وخطورتها اذ تم الملاحظة في العديد من هذه المواقع بانها تحوي على الالغام غير المنفلقة وهذا ما يتطلب فحصا فنيا من قبل الجهات المختصة لازالة هذه الالغام .
3- قلة التثقيف والدور الاعلامي الحكومي وغيره في اهمية هذه المواقع وعدم المساس بها والتبليغ عنها للعمل عليها بشكل فني وتخصصي.
4- هجرة كثير من اسر العوائل المفقودة وقلة الثقافة القانونية والصحية في تقديم الشكاوى وكذلك تقديم عينات الفحص (DNA) الى تساهم في عمليات العثور والمطابقة على المفقودين وهذه النقاط وغيرها تسهم في زيادة الوعي والحث باتجاه التخصص والعمل الموحد باتجاه استكمال عمليات البحث عن المفقودين في العراق.[14]
- الجهات المعنية بملف الفقدان والاختفاء
للاحاطة التامة بالموضوع نستعرض الامر من جانبين لتسليط الضوء على الجهات المعنية والمختصة بالتوصيف والعناية والمتابعة لملف المفقودين وهي عامة وخاصة وكما يرد :
أولا: جهات عامة
- مجلس القضاء الاعلى
- الادعاء العام
- لجان مجلس النواب
- مفوضية حقوق الانسان
- وزارة العدل دائرة حقوق الانسان
- مديريات وشعب حقوق الانسان في كافة الوزارت المعنية بعد الغاء المفتشيات.
- منظمات المجتمع المدني
- الجنة المنبثقة عن اتفاقية منع الاختفاء القسري
- الوكالات والبعثات والمنظمات والمقررين الخاصين.
ثانياً: الجهات الاختصاص
- دائرة شؤون وحماية المقابر الجماعية
- دائرة الطب العدلي في بغداد وكافة المحافظات
- دائرة الطب العدلي في اقليم كردستان
- فرق الدفاع المدني (تحت الانقاض)
- وزارة الدفاع (الحرب العراقية الايرانية وحرب الكويت)
- وزارة شؤون الشهداء والمؤنفلين في اقليم كردستان.
3. دور دائرة شؤون وحماية المقابر الجماعية
يتمثل دور دائرة المقابر بالبحث عن المفقودين في المقابر الجماعية من خلال البحث والتنقيب ومساندة دائرة الطب العدلي في انشاء قاعدة بيانات ومعلومات ما قبل الفقدان (وهو ما يعد النواة الاساسية للسجل الموحد للمفقودين) استنادا الى قانون شؤون وحماية المقابر الجماعية رقم (5) لسنة 2005 والمعدل بقانون رقم (13) لسنة 2015، والتعليمات رقم (1) سنة 2019م، وإستناداً الى ذلك تم فتح العديد من القبور وتنقيبها وتسليم الرفاة الى دائرة الطلب العدلي لغرض اخذ العينات عن النماذج العظمية والمطابقة، تأسس العمل بالمقابر الجماعية مع استحداث وزارة حقوق الانسان الملغاة وبعد الغاء الوزارة تم نقل التشكيلات المعنية بها الى مؤسسة الشهداء لتضم ضمن قانونها رقم (2) لسنة 2016م، ضمن تشكيل دائرة ، وتم رفع مستوى تمثيلها الى دائرة عامة سنة 2020م[15]. وفي هذا المبحث سيتم التفصيل في مطالبين الاول يتعلق بقضايا الفقدان والثاني يتضمن اليات عمل دائرة المقابر الجماعية.
- قضايا الفقدان القضائية والتنفيذية
للإحاطة العامة بقضايا الفقدان ينبغي استعراض الاليات المعنية بمتابعة الامر وللتفريق بين الدور القضائي وبين الدور التنفيذي والاجرائي ، اذ يتم تقديم الطلبات من قبل ذوي المفقودين ومن خلال الاتي:
اولاً: المحكمة : تحتاج عائلة ذوي الفقيد إجراءات التبليغ لعدة أسباب وأهمها بعد اليأس من العثور عليه هو اصدار حجة الوفاة ويتم ذلك بعد استكمال الأوراق اللازمة لإصدارها بما نص عليه القانون المدني، اذ يشترط تقديم طلب الإبلاغ الى مركز الشرطة في المنطقة التي حصل فيها الفقدان، ويتم تسيره الى القاضي ودور القاضي في اتخاذ الاجراءات المناسبة وتحويله للنشر في جريدة رسمية، وتكمن اهمية النشر في احتساب المدة من تاريخ النشر، والتي هي سنتين لمن فقد في ظروف قاهرة واربع سنوات لمن فقد في ظروف اعتيادية، هذه الاجراءات تتعلق باكمال الاوراق القانونية لغرض اكمال حجج الوصاية او القيمومية للتمكن من ادارة اموال المفقود الى حين احتساب المدة اللازمة[16].
ثانيا: دائرة المقابر الجماعية: والذي يتعلق بالبحث عن المفقود، بإمكان ذوي المفقود تقديم الاخبار وعينات الدم سواء في نفس محافظتهم او في بغداد او أي مكان تتواجد فيه مؤسسة الشهداء ودائرة الطب العدلي. وبالغالب تشكل لجان للعمل في المحافظات حسب الحاجة كان أخرها في شهر تشرين الثاني من هذا العام في النجف وبابل والبصرة وتم الإعلان عنها.[17]
. آليات عمل دائرة المقابر الجماعية
ويبدأ العمل من خلال استقبال الشهادات او البلاغات او الاخبارات ومن ثم تبدأ الاجراءات القانونية وهي عبارة عن إجراءات مشتركة مع دائرة الطب العدلي إذ يتم استقبال في حالتين:
- الاخبار عن موقع جريمة ومقبرة جماعية: يتم استقباله ويتم تدوين افادته ويجري الكشف على الموقع
- الاخبار عن مفقود، يتم استقبال المعلومات في استمارة تتكون من سبع صفحات اربعة منها تملى من قبل الدائرة ومن ثم تحول الى الطب العدلي كي تملى الثلاثة المتبقية مع حفظ عينة دم وتكتمل صورة قاعدة بيانات بعد العثور على مقبرة وعدد من الرفاة يتم المطابقة بين النموذج العظمي المتحصل من الرفاة مع نموذج عينة الدم الموجودة في الطب العدلي بعدها يتم التواصل مع عائلة الضحية وفق البيانات المتوفرة ليتم تبليغها.[18]
- رؤية الدائرة في تحقيق الاليات المطلوبة
1- مشروع الدائرة هو إنشاء سجل وطني للمفقودين يشمل كافة حالات الفقدان من سنة 1968 الى الآن سواء كان نتيجة حروب، او نزاعات مسلحة ،او سياسيات قمعية ،او عمليات إرهابية هذا السجل سيكون الأساس لإنشاء مركز وطني للمفقودين. شان هذا السجل تسريع عمليات البحث وتحديد هويات الضحايا ، المؤسسة استلمت برنامج من اللجنة الدولية لشؤون المفقودين أسمه (idms) وهو برنامج متقدم جداً ومستخدم في عدد من الدول الأوربية تم استلامه كمنحة مع الطب العدلي وسوف تطلق تجربة أولى في محافظة نينوى وسيتم استقبال عوائل المفقودين بغض النظر عن نوع الفقدان وبالتالي ستعمم التجربة بعد نجاحها في جميع المحافظات وكذلك مع الذوي وان كانوا خارج البلد.
2- توحيد جهود المؤسسات الحكومية المختلطة والمتعلقة بالبحث عن المفقودين والمغيبين وهذا يقتضي وجود مظلة تجتمع تحتها نشاطات هذه المؤسسات إنشاء لجنة تنسيقية مركزية برئاسة مؤسسة الشهداء تكون هي الحلقة الرئيسة لاستقبال جميع الطلبات وتغذي الجهات المعنية كالأمنية ودوائر الإصلاح بالبيانات ليتم مقاطع وابلاغ الذوي بالنتائج.[19]
- الخاتمة
من خلال البحث المتقدم في طيات مطالبه الرئيسية التي تناولت الموضوع بشكل استعراضي وتوصيفي لعمل الدائرة ومايدور حول عملها للوصول الى الاليات الوطنية للبحث عن المفقودين بشكل مناسب ، وعدم وجود مصادر كثيرة في الموضوع لكون التركيز تم على دائرة معينة لم تنشر الا القليل من المطبوعات حول اليات عملها ، وكوني متابعاً لحركتها الاعلامية تم الاعتماد على ابرز مانشر والاكتفاء بلقاءات مع كوادرها لتوضيح نقاط البحث ومن خلال المتقدم يكن ان نوضح بعض النتائج المناسبة للموضوع :
- ان عمليات الفتح للعديد من القبور قبل وبعد عام (2003) ودفن الاعداد الكبيرة من مجهولي الهوية من قبل الطب العدلي. اعطى للدائرة الرؤية الواضحة في اليات عملها ومايمكن تحقيقه كتجربة مختصة ليس في العراق فحسب وانما بالمنطقة بشكل عام. ولاسيما ان هناك اعداداً كبيرة تم تحديد هوياتهم نتيجة الفحوصات المختبرية.
- تعد مسألة الاختفاء القسري من المسائل الاساسية في الاتفاقيات الدولية والعراق بحاجة الى اصدار تشريع قانون بما يتوائم مع اتفاقية الاختفاء القسري، والموضوع لازال قيد النظر من المؤسسة المعنية (وزارة العدل)
- ما شهدته حكومة البعث وعصابات داعش الارهابية في ملفة المقابر الجماعية انها عقدت كثير من عمليات البحث عن المفقودين لاسباب عديدة وهذا يتطلب جهداً مكثفاً واليات تتناسب مع حجم هذه الماساة.
- التاكيد على أهمية مشروع السجل الوطني الموحد للمفقودين لتذليل الاجراءات وتوحيد المهام، وحصر اعداد المفقودين ومن ثم اظهار الجهود الحكومية الخاصة بالمفقودين امام المجتمع الدولي والاسرة الدولية كونه ملف انساني.
- التركيز على البعد الاعلامي في توضيح الجهات المختصة بالعمل وتسهيل ذلك على الجهات الوطنية الاخرى وذوي المفقودين ايضا.
المصادر
أولاً: الكتب
- القران الكريم
- التقرير السنوي لدائرة شؤون وحماية حقوق الانسان للاعوام 2019-2021
- أبن منظور، لسان العرب ـ المحيط، دار لسان العرب ـ بيروت، المجلد الثاني من ز إلى ف، بدون ذكر الطبعة، بدون ذكر السنة.
- مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروز آبادي، القاموس المحيط، مؤسسة الرسالة، لبنان، الطبعة السادسة، 9991هـ – 9119 م، ص 103 . إبراهيم قالتي، الهدى، دار الهدى، الجزائر، بدون ذكر الطبعة ، بدون ذكر السنة.
- د. مهند الحداد وخالد الحداد ، المدخل لدراسة علم القانون ، الوراق للنشر والتوزيع ط2008
- بدر الدين محمد شبل، الحماية الدولية الجنائية لحقوق الانسان وحرياته الاساسية، ط1، دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان، 2011.
- د. وصفي محمد علي ، الوجيز في الطب العدلي ، دار الكتب القانوني، بيروت – لبنان، 2019
- د. محمود عزو حمدو ونخبة من الخبراء والمختصين، دليل إجراءات جبر الضرر وتعويض المتضررين العراقيين ، مطبوع جامعة الموصل.
- هادي محمد عبد الله، احكام المفقود (دراسة مقارنة بين الفقة الاسلامي والقانون العراقي)، رسالة ماجستير، كلية القانون والسياسة، جامعة بغداد، 1987.
- تقرير اللجنة الاستشارية التابعة ﻟﻤﺠلس حقوق الإنسان عن أفضل الممارسات بشأن مسألة الأشخاص المفقودين، الصار بالوثيقة A/HRC/16/70 بتاريخ 21شباط 2011.
ثانياً: التشريعات والقوانين
- قانون العقوبات العراقية رقم (111) لسنة (1969)
- قانون أصول المحاكمات الجزائية رقم (23) لسنة (1971) وكذلك رقم (17) لسنة (2008)
- المذكرة رقم (2) لإدارة السجون والصادرة عن سلطة الائتلاف المؤقتة.
- قانون إصلاح النزلاء والمودعين رقم (14) لسنة 2018.
- قانون مفوضية حقوق الانسان رقم (35) لسنة (2008)
- مذكرة سلطة الائتلاف المنحلة رقم (57) لسنة (2004)
- قانون المفتشين العموميين رقم (1) لسنة (2011)
- اتفاقية حماية جميع الاشخاص من الاختفاء القسري لسنة (2010)
- قانون شؤون وحماية المقابر الجماعية رقم (5) لسنة (2006) والمعدل برقم (13) لسنة (2015)
- تعليمات تنفيذ القانون رقم (1) لسنة (2019)
- قانون الطب العدلي رقم (57) لسنة (1987) والتعديل رقم (37) لسنة (2013).
- قانون الطب العدلي في إقليم كوردستان رقم (16) لسنة (2001)
- تقرير اللجنة الاستشارية التابعة ﻟﻤﺠلس حقوق الإنسان عن أفضل الممارسات بشأن مسألة الأشخاص المفقودين، الصار بالوثيقة A/HRC/16/70 بتاريخ 21شباط 2011
ثالثا: المواقع الالكترونية
1- موقع الامم المتحدة
2- موقع مؤسسة الشهداء
3- اللجنة الدولية للصليب الاحمر
4- اللجنة الدولية لشؤون المفقودين
[1] – ظ: أبن منظور، لسان العرب ـ المحيط، دار لسان العرب ـ بيروت، المجلد الثاني من ز إلى ف، بدون ذكر الطبعة، بدون ذكر السنة، ص1116. ومجد الدين محمد بن يعقوب الفيروز آبادي، القاموس المحيط، مؤسسة الرسالة، لبنان، الطبعة السادسة، 9991هـ – 9119 م، ص 103 . إبراهيم قالتي، الهدى، دار الهدى، الجزائر، بدون ذكر الطبعة ، بدون ذكر السنة، ص 909.
[2] – القانون المدني العراقي رقم 40 لسنة 1951- المادة 36 / الفقرة 1
[3] – قانون رعاية القاصرين رقم (78) لسنة 1980 – المادة 86
[4]– المصدر نفسه / المادة 85
[5] – د. مهند الحداد وخالد الحداد ، المدخل لدراسة علم القانون ، الوراق للنشر والتوزيع ط2008، ص389
[6] – هادي محمد عبد الله، احكام المفقود (دراسة مقارنة بين الفقة الاسلامي والقانون العراقي)، رسالة ماجستير، كلية القانون والسياسة، جامعة بغداد، 1987، ص24.
[7] – ظ: تقرير اللجنة الاستشارية التابعة ﻟﻤﺠلس حقوق الإنسان عن أفضل الممارسات بشأن مسألة الأشخاص المفقودين، الصار بالوثيقة A/HRC/16/70 بتاريخ 21شباط 2011
[8] – ظ: بدر الدين محمد شبل، الحماية الدولية الجنائية لحقوق الانسان وحرياته الاساسية، ط1، دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان، 2011، ص 546.
[9] – قانون رقم 5 لسنة 2006 المادة 2/ الفقرة 2
[10] – قانون رقــم 37 لسنة 2013 ، المادة 2/ الفقرة 5
[11] – د. وصفي محمد علي ، الوجيز في الطب العدلي ،ص 11-13
[12] – المادة 5 / الفقرة 1
[13] – file:///C:/Users/ahmed-aljarah/Downloads/Reviewed-Ar-UNITAD%20press%20release%20-%20SA%20Briefing%20to%20Security%20Council%20GF%20ARABIC.pdf
[14] – أنظر: دائرة شؤون وحماية المقابر الجماعية – التقرير السنوي للاعوام 2019-2021، مطبوع ص149
[15] – قانون رقم (2) لسنة 2020 قانون التعديل الثاني لقانون تعويض المتضررين جراء العمليات الحربية والاخطاء العسكرية والعمليات الارهابية رقم (20) لسنة 2009 المعدل)
[16] – نخبة من الخبراء والمختصين، دليل اجراءات جبر الضرر وتعويض المتضررين العراقيين ، مطبوع جامعة الموصل 38-42
[17] – مقابلة أعلامية : https://alshuhadaa.gov.iq/subNews?newsid=22567
[18] – المصدر نفسه في أعلاه.
[19] ظ : التقرير السنوي ص154