في اطار السعي لتحقيق اهداف المركز بنشر المعرفة الاقتصادية والمالية وتوفير سبل النهوض بالواقع الاقتصادي في العراق اقام مركز أكد للدراسات الاقتصادية والمالية في مساء يوم الاحد الموافق 2/4/ 2023 ندوة اقتصادية بعنوان ( الموازنة العامة للدولة 2023: ابعادها وتحديات إقرارها) استضاف خلالها عدد من الخبراء في المجالات الاقتصادية والمالية وأساتذة الجامعات. ناقشت الندوة مسودة قانون الموازنة العامة الاتحادية لجمهورية العراق للسنوات المالية 2023 و2024 و2025.
تناولت الندوة محاور عدة أهمها واقعية الافتراضات التي بنيت عليها الموازنة واعتمادها سعر البرميل 70 دولار في ظل أسعار النفط الحالية واحتمال انخفاضها في المستقبل, وكذلك عجر الموازنة وسبل التقليل منه والانفاق الاستثماري للموازنة ومواضيع أخرى كحصة الإقليم وملف الطاقة وتداعيات قرار المحكمة التجارية الدولية على إقرار الموازنة .
نرفق خلاصة بالمقترحات والتوصيات الإجرائية التي خلصت اليها المناقشات في هذه الندوة الاقتصادية والتي نأمل ان تسهم في دعم الاقتصاد العراقي ككل.
اهم الملاحظات على مسودة قانون الموازنة العامة الاتحادية لجمهورية العراق للسنوات المالية 2023 و2024 و2025
من خلال قراءة بيانات وجداول الموازنة العامة يتضح لنا:
- ان الحكومة قد قبلت باستمرارية احادية الاقتصاد بدافع تمويل الأنفاق العام المتزايد، اذ شكلت النفقات التشغيلية 75% من الموازنة أي ما يقارب 150 تريليون دينار فيما بلغ الانفاق الاستثماري بحدود 25% أي ما يقارب 49 تريليون دينار. وبالتالي فان الموازنة العامة تشهد غلبة الإنفاق الاستهلاكي على الإنفاق الاستثماري المنتج.
- ان ما خصص للنفقات الاستثمارية في هيكل الموازنة العامة والبالغ 25% لا يكاد يفي بمتطلبات الاقتصاد العراقي الذي تعرضت بنيته التحتية الى الدمار جراء الحروب المتتابعة، مما يؤشر بان الحكومة لم تعطِ اهتماما كبيرا للجانب الاستثماري الذي يعد الحلقة الاساسية لأي اقتصاد كما لم تشهد بنود الموازنة العامة أي تخصيصات مالية لخطط التنمية الاقتصادية من مشاريع حيوية واستراتيجية، وكل ما ذكر منها هو ثلاثة مشاريع بناء على طلب الوزارات المختصة هي تمويل مشروع ميناء الفاو ومشروع قطار بغداد المعلق ومشروع تحلية مياه البصرة، فضلا عن تأهيل وصيانة بعض محطات الطاقة الكهربائية.
- ان اعتماد الحكومة على العوائد النفطية المتقلبة في تمويل الموازنة العامة من إيرادات تقدر بحدود 117 تريليون دينار وبمتوسط سعر برميل النفط بحدود 70 دولار يثير مخاوف كبيرة وذلك لاقترابه من السعر السائد في السوق الدولية والذي هو عرضة للهبوط في المستقبل القريب حسب توقعات المؤسسات الدولية المعنية بشؤون الطاقة.
- تقدير الحكومة للإيرادات غير النفطية بمبلغ 17 تريليون دينار هو مبلغ كبير ومبالغ فيه، اذ ان مقدار الإيرادات غير النفطية طوال السنوات السابقة لم تتجاوز 13 تريليون دينار.
- هناك مخالفة لقانون الادارة المالية الاتحادي فيما يخص العجز المخطط في الموازنة العامة لسنة ٢٠٢٣ ، اذا بلغ ٦٤ ترليون اي ما يزيد عن نسبة ٣٪, اذ تنص المادة 6 رابعا من قانون الادارة المالية لسنة ٢٠١٩ (لا يجوز ان يزيد العجز في الموازنة التخطيطية عن ٣٪ من الناتج المحلي الإجمالي)
- هناك ارتفاع بالموازنة التشغيلية مقارنة بالاستثمارية والتي لا تزيد ٤٨ ترليون ، هذا يعني هناك احتمالية عدم تمويل الموازنة الاستثمارية بسبب ارتفاع العجز . هذا مؤشر لعدم تحقيق اي تنمية اقتصادية لهذا العام
- اعتماد على القروض الداخلية والخارجية لسد العجز والبالغ 64 تريليون دينار يؤدي الى جعل الاقتصاد العراقي امام حالتين، الحالة الاولى: ايرادات متذبذبة والتزامات ومستحقات ثابتة، الامر الذي يقود الى استمرار العجز في الموازنة العامة. والحالة الثانية: تراكم العجز يؤدي الى مشكلة المديونية جراء قلة النقد المتاح لسداد التزاماتها والاضطرار الى اللجوء الى القروض من المؤسسات الدولية لسد العجز، ومن ثم الوقوع تحت مظلة صندوق النقد الدولي والخضوع لشروط صارمة لسنوات من خلال الدخول في ترتيبات تحوطية جديدة.
- لمعالجة هذه المشكلات والتحديات التي تواجه الموازنة العامة يتطلب تقليص التوجه الاستهلاكي للانفاق العام وحسن الاستفادة من الموارد المالية النفطية الوفيرة، وذلك بتوجيهها في قنوات استثمارية قادرة على تنويع الاقتصاد وإيجاد قاعدة انتاجية ذات مردود كبير واصول انتاجية محتفظة بقيمتها وقادرة على زيادة هذه القيمة من خلال اقامة مشاريع حيوية تسهم في زيادة الصادرات غير النفطية ومشاريع إحلال الواردات بهدف تقليل العجز في ميزان المدفوعات.