مركز أكد للدراسات الاقتصادية والمالية / الدبلوماسية الاقتصادية: الأطر والتطبيقات

الدبلوماسية الاقتصادية: الأطر والتطبيقات

نوفمبر 1, 2021

أ.د نوزاد عبد الرحمن الهيتي

استاذ الاقتصاد السياسي بالمعهد الدبلوماسي

كبير المستشارين بوزارة الخارجية

 

الدبلوماسية تاريخياً معناها تجنب الحرب بأي ثمن من خلال استخدام السبل السلمية، وإعطاء الأولوية للتواصل السياسي، ففي الفترة ما قبل منتصف القرن العشرين كان معترفاً به كعنصر أساسي وحيد لفن الحكم الدبلوماسي.لقد فرضت التحولات والتغيرات التي طالت النظام العالمي وعولمة الاقتصاد المتسارعة الوتيرة تطور مفهوم الدبلوماسية التقليدية، فلم يُعد مفهوم الدبلوماسية يقتصر على إدارة العلاقات السياسية بين الدول، بل اتسع ليشمل مجالات عدة : اقتصادية ، اجتماعية، ثقافية ، وبيئية.ففي ظل التكامل بين المجالين السياسي والاقتصادي وصعوبة الفصل بينهما ، يبرز الاقتصاد بوصفه أداة من الوسائل الدبلوماسية لتعزيز التعاون الدولي، وفي كثير من الأحيان أيضاً كوسيلة من وسائل الضغط.

 

نشأة  الدبلوماسية الاقتصادية

  • برزت الديبلوماسية الاقتصادية بشكل نشط على الساحة الدولية بعد الحرب الكونية الثانية، فبعد الفوضى السياسية والاقتصادية التي عرفها العالم بعد انتهاء الحرب ، سعت مجموعة من الدول إلى إيجاد مؤسسات دولية تكون الغاية من وجودها إعادة تنظيم شؤون العالم الاقتصادية..
  • توفير شروط الانطلاقة الاقتصادية الجديدة وإزالة العقبات التي تعيق عملية تدويل الإنتاج وراس المال على الصعيد العالمي وخلق شروط اقتصادية وسياسية جديدة لإعادة تقسيم مناطق النفوذ والسيطرة، حيث أصبحت ترتبط مع بعضها بشبكة معقدة من العلاقات الاقتصادية .
  • كما أكتسب الاقتصاد دوراً مركزياً في النشاطات الدبلوماسية وذلك بسبب زيادة وعي الدول بأهمية الرخاء الاقتصادي، وضرورة تنمية العلاقات الاقتصادية إلى أقصى حد مستطاع.
  • شهد عالم ما بعد الحرب الكونية الثانية ما يعرف تعدد المنظمات الدولية، والتي أنشئت لتشكل إطاراً للنظام المالي العالم، والنشاطات التجارية الحديثة، فهي مرحلة اتسمت إلى حد ما بالتعاون الاقتصادي الدولي، وذلك على الصعد الثنائية والإقليمية والدولية .

كان التعاون الاقتصادي هذا يهدف إلى توحيد الإطار القانوني، والتنظيمي للنشاط الاقتصادي علاوة على إقامة مشاريع دولية مشتركة.

كما يهدف التعاون الاقتصادي العمل على إيجاد حل مشترك للمشكلات الاقتصادية الدولية ، لاسيما المشكلات التي أظهرت الخلل والفجوة الكبيرة بين الشمال والجنوب، المسألة التي تستلزم حث الجهود الدولية لوضع نظام اقتصادي عالمي جديد على أسس عادلة ومنصفة.

انطلاقا مما تقدم باتت السياسة الخارجية للدول تُعد سياسة اقتصادية عالمية، وسياسة عالمية للمواد الأولية، وسياسة عالمية للتنمية، وسياسة عالمية للأمن بصرف النظر عما إذا كانت تلك الدول من الدول المتقدمة أو النامية.

وبذلك نجد إن الدبلوماسية الاقتصادية تعتبر من وسائل التعامل السياسي الدولي، بل  أن الوسائل المستخدمة ضمن هذا الشكل من الدبلوماسية  باتت متفوقة بمقياس الفاعلية والتأثير على الوسائل الاستراتيجية ذات الثقل التقليدي في الممارسات الدبلوماسية بين الدول، فالمفاوضات الاقتصادية والمساومة والإقناع من أهم أشكال التعامل الدولي ، ومن أهم أساليب إدارة العلاقات الدولية.

ثانياً- مفهوم الدبلوماسية الاقتصادية:

  • هي العملية التي تتعامل البلدان من خلالها مع الخارج من أجل تحقيق أقصى قدر من مكاسبها الوطنية في جميع ميادين النشاط، بما في ذلك التجارة، والاستثمار، وغير ذلك من أشكال التبادلات المفيدة اقتصادياً.
  • آلية إسناد ودعم للدبلوماسية التقليدية وإطاراً مناسباً لتعزيز وتطوير العلاقات الخارجية للدولة، وتحسين مناعتها والذود عن مصالحها.
  • الدبلوماسية الاقتصادية هي استخدام العوامل السياسية والاقتصادية بالطرق والأساليب الدبلوماسية بقصد تحقيق مكاسب سياسية واقتصادية واجتماعية على الصعيدين المحلي والدولي.
  • إن الدبلوماسية الاقتصادية عمل تفاعلي يومي يقوم على الواقعية والبراغماتية والتجديد، وهي شأن وطني سام هدفه تحقيق المصلحة الوطنية، وتستدعي بالتالي مساهمة جماعية من الفاعلين الوطنيين كافة.
  • ترعرعت ونمت بالتوازي مع تسارع خطوات عولمة الاقتصاد التي تصاعدت وتيرتها خلال العقود الثلاثة الأخيرة، وهي من الناحية العملية كانت ثمرة تنامي الانتشار العالمي للشركات متعددة الجنسيات وتزايد أهمية العولمة ودورها في عمليات الإنتاج وانتشار تكنولوجيات التواصل والاتصال الجديدة .
  • الدبلوماسية الاقتصادية، ينظر إليها في المقام الأول على أنها حكومية دولية، يقوم بها موظفون في مجال الخدمات الخارجية وكوسيلة للنهوض بالمصالح الاقتصادية للدولة في البلدان الأجنبية والاقتصاد العالمي.
  • الدبلوماسية الاقتصادية لا تعزز فقط ازدهار الدولة، بل أيضاً، بوصفها مطالب مناسبة وتصاريح فرصة، تتلاعب بعلاقاتها التجارية والمالية الخارجية دعماً لسياستها الخارجية – كما هو الحال بالنسبة للعقوبات المفروضة على إيران.وكذلك العقوبات على النظام السوري بموجب قانون قيصر.
  • الدبلوماسية الاقتصادية هي موضوع رئيسي للعلاقات الخارجية لجميع البلدان تقريباً. وفي الداخل، تشارك الوزارات الاقتصادية وهيئات ترويج التجارة والاستثمار وغرف التجارة والصناعة ، وروابط ومنتديات رجال الأعمال ووزارة الخارجية بطبيعة الحال في جميع الأعمال الاقتصادية.

ثانياً- أهداف الدبلوماسية الاقتصادية:

  • الأهداف السياسية: تتمثل في تحقيق مكاسب سياسية على الساحة الدولية، وإبراز ثقل الدولة في المحافل السياسية.
  • الأهداف الاقتصادية: قد تكون على المستوى الوطني كدعم تطوير اقتصادها الوطني ، وتمنيته وتحقيق الكسب المادي. وقد تكون أهداف اقتصادية على المستوى الدولي كتطوير العلاقات الاقتصادية الدولية بدعم التجارة الدولية والاستثمار الدولي، والسعي لتحقيق تكتل اقتصادي.
  • الأهداف الاجتماعية: تتخذ شكل مساعدة الدول النامية لاسيما الأقل نمواً لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية ، والنهوض في مستويات المعيشة، ومحاربة الفقر…الخ.

 

 

محددات الدبلوماسية الاقتصادية

يمكن التمييز بين نوعين من المحددات الاقتصادية التي قد تحفز صانع القرار في السياسة الخارجية على اللجوء إلى الدبلوماسية الاقتصادية:

المحددات المرتبطة بالبيئة الدولية:

  • تكامل النظام المالي الدولي والذي حصل نتيجة للتحرير أسواق راس المال والتطور المستمر في أسواق الأسهم والبورصات العالمية، وبات الأسواق المالية العالمية تشكل المصادر الرئيسة لرأس المال للدول النامية.
  • العولمة التي تتحكم بالنصيب الأكبر من الأسواق العالمية، وما يتضمنه ذلك من رفع للمنافسة بين الشركات متعددة الجنسيات التي تمثل في كل معانيها إحدى السمات الأساسية للنظام الاقتصادي العالمي الجديد، فهي تؤثر بقوة في الاقتصاد العالمي من خلال أنشطتها المختلفة.
  • ظهور منافسين جدد في السوق الدولية، خصوصاً المنافسة القادمة من الاقتصادات الصاعدة كالصين والبرازيل والهند وروسيا وإندونيسيا وتركيا وجنوب أفريقيا والتي بدأت تستقطب الكثير من الاستثمارات الأجنبية المباشرة، والاستثمارات بالمحافظ المالية، علاوة على زيادة أهميتها النسبية في التجارة الدولية.
  • التطور المطرد في قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وما قدمه هذا التطور من تسهيلات لتجزئة أدوات الإنتاج وتوزيع الأنشطة الاقتصادية في مختلف المناطق الجغرافية، متخطية حدود الدولة الوطنية.
  • تكنولوجيات النقل الجماعي التي جعلت حركة السلع والبشر عبر الكوكب أسهل وأرخص من قبل، تكنولوجيات الإنتاج التي جعلت من الممكن تشظية إنتاج المكونات المختلفة لمنُتج مركب (السيارة أو الهاتف الذكي).

 

المحددات المرتبطة بالدوافع الاقتصادية الوطنية:

  • درجة التنويع الجغرافي في العلاقات التجارية وفي توجيه الاستثمارات، حيث تعمل أغلب الدول العالم صغيرة أكانت أم كبيرة على توسيع القاعدة الجغرافية لهيكل تجارتها الخارجية سواء المتعلق بجانب الصادرات والواردات من السلع والخدمات. علاوة على تنويع مصادر استقطابها للاستثمارات الأجنبية الوارد إليها، وكذلك توزيع استثماراتها الخارجية بمختلف أشكالها على مناطق جغرافية مختلفة وعدم حصرها في أقليم معين.
  • حالة ميزان المدفوعات والميزان التجاري، فإذا كان هناك ثمة عجز فيهما يجد البلد ذاته مضطراً لإرساء دبلوماسية اقتصادية وتجارية تركز على زيادته صادراته السلعية، لكن تحقق فائضاً في ميزان معاملاتها الجارية مع العالم الخارجي.
  • مدى زيادة حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة الوارد للبلد، واستراتيجيات الشركات الوطنية لجذب المزيد من تلك الاستثمارات المهمة جداً لنقل التكنولوجيا وتطوير الإدارة والتنظيم، علاوة على الارتقاء بتنمية الموارد البشرية.
  • الحاجة إلى الاعتماد على قطاع صناعي منافس يركز نشاطه الإنتاجي على الخدمات التكنولوجية ذات الجودة العالية، علاوة على ضمان حسن الابتكار والإنتاج استناداً إلى قاعدة صناعية قوية.
  • الانضمام إلى التجمعات أو التكتلات الاقتصادية والتجارية والإقليمية، بوصفها أحد أهم المداخل لتعزيز تنافسية الاقتصادات الوطنية، علاوة على دورها في تعزيز المواقف التفاوضي للدولة عند التوقيع على اتفاقيات ترتبط بمناطق التجارة الحرة أو تعزيز وحماية الاستثمارات.

 

 مستويات الدبلوماسية الاقتصادية

أولا- الدبلوماسية الاقتصادية الثنائية:

  • تشكل الدبلوماسية الاقتصادية الثنائية جزءاً رئيساً من الدبلوماسية الاقتصادية، سواء كانت هذه الدبلوماسية تشمل المعاملات المالية بين البلدين أو التجارة الرسمية ، أو معاهدات الاستثمار أو غيرها من المواضيع التي تؤثر على العلاقات الاقتصادية.
  • مازالت الدبلوماسية الاقتصادية الثنائية تمثل التقنية الأسهل التي تجعل توضيح نتائج التعاون الاقتصادي مسألة سهلةَ، حيق تتفهمه المصالح الوطنية لأي طرف عند طرحه للمناقشة والتدقيق به.
  • يؤخذ على هذه الدبلوماسية جانب سلبي مهم هو أنها تمنح الفوائد إلى الطرف الأقوى في المفاوضات ، مما سيمكنه من استغلال الطرف الاضعف بسهولة أكثر، كما هو في حالة الاتفاقية بين دولة نامية وأخرى متقدمة تكون المراكز الاقتصادية متفاوتة.
  • تكون المساومة الدولية لمصلحة الدولة التي تستطيع أن تفرض شروطاً تتفق مع مصلحتها وهي الدول المتقدمة، بينما الدولة الأخرى تقف عاجزة عن المساومة نظراً لضعفها وحاجتها إلى الاتفاقية ، فتجد نفسها مضطرة للتنازل عن بعض المزايا للطرف الأقوى.

ثانياً – الدبلوماسية الاقتصادية الإقليمية

  • إن البعد الإقليمي للدبلوماسية الاقتصادية في أهمية متزايدة ، فعلى الرغم من أن الاتفاقيات الاقتصادية في هذا المستوى تكون في معظم الأوقات بدافع سياسي، غير أنها توفر وبطريقة سريعة العديد من الاسواق المفتوحة وبشكل متجاور.
  • فالدولة تسمح بحرية النشاط الاقتصادي الوطني عندما يكون ذلك ضم إطار تجمع إقليمي ، وهو في معظم الأحيان يتم ضمن دائرة تتكون من دول متقاربة جغرافياً في مستويات التطور الاقتصادي والأولويات السياسية المماثلة، فبالنسبة لقطاع الأعمال يكون الدخول إلى الأسواق الإقليمية بديلاً عن دخول الأسواق العالمية عند ضعف الإمكانيات، حيث يعتبر ذلك بداية لطريق المنافسة .
  • أن الاتفاقيات الإقليمية قد تكون مصدر قوة للدولة الإقليمية المنظمة إليها عند قيامها بمفوضات دولية ، وبالتالي يكون لها تأثير كبير على المفاوضات الدولية، وفي قدرتها على فتح الأسواق الدولية.
  • لكن مهما كان الحافز من إبرام الاتفاقيات الإقليمية، غير أن الحافز الأكبر قد يكون تحقيق نمو في الصناعات الوطنية، وذلك نتيجة قدرة هذه الدول على منافسة بعضها وبالتالي قيام تجارة في الأسواق الحرة الإقليمية.

ثالثاً – الدبلوماسية الاقتصادية الجماعية

  • يجذب المستوى الجماعي للدبلوماسية الاقتصادية اهتمام الدول بشكل أقل مما هو الوضع عليه في الدبلوماسية الاقتصادية الإقليمية، أو الدبلوماسية متعددة الأطراف. غير أن لهذه الدبلوماسية الجماعية شكلاً كمنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية(OECD)، ومجموعة السبع (G7)، مجموعة العشرين( (G20.
  • يحقق هذا المستوى من الدبلوماسية الاقتصادية هدفين مهمين، الأول : أن الأطراف المشاركة في هذه الدبلوماسية توفر لها منتدى ، عندما تحاول تلك  الحكومات الوطنية للدول الأطراف إيجاد حلول ، وتوفير التوافق بين بعضها حول هدف اقتصادي معين، سواء أكان محلياً أم دولياً. وذلك من خلال عملية التعاون الطوعي التي تقوم بها هذه الحكومات .
  • أما الهدف الثاني : فهو تمكين الحكومات التي تملك توجهات اقتصادية متشابهة من تطوير الواقع المتفق عليه ، بحيث يمكنها بعد ذلك من التقدم في المجالات الأوسع متعددة الأطراف . فعلى سبيل المثال كانت منظمة OECD)،منتدى للعمل التحضيري لعدد كبير من المواضيع كاتفاقية تحرير التجارة في الخدمات والاتفاقيات الزراعية في إطار منظمة التجارة العالمية.

ثانياً – الدبلوماسية الاقتصادية متعددة الأطراف

  • تتطور الدبلوماسية متعددة الأطراف لتدخل اقتصادات جميع الدول، وهذا الأمر يجعل الاتفاق ضمن إطار الدبلوماسية متعددة الأطراف أمراً صعب الوصول إليه ، فهي تسعى إلى دمج أنظمة متعددة  لتعمل  ضمن إطار نمط واحد  منسق كأنظمة منظمة التجارة العالمية، صندوق النقد الدولي، البنك الدولي.
  • ساهمت الدبلوماسية الاقتصادية متعددة الأطراف في وضع العديد من القواعد القانونية التي تحكم العلاقات الاقتصادية الدولية لاسيما في تسعينات القرن العشرين، وقد كان هناك تقدم كبير في هذا المجال ، خاصة في إطاري التجارة والبيئة، كآلية فض النزاعات ضمن منظمة التجارة العالمية.
  • لكن أظهر هذا المستوى من الدبلوماسية خلافات عديدة على الساحة الدولية بين المنظمات الحكومية وغير الحكومية ، وكذلك الخلافات بين الدول المتقدمة ، والدول النامية، فهذه الأخيرة تشتكي من أن الدبلوماسية المتعددة الأطراف تضعهم في موقف ضعيف في الاقتصاد العالمي..

 أدوات الدبلوماسية الاقتصادية

أولاً-التجارة الخارجية:

  • تشكل التجارة الدولية للسلع والخدمات واحداً من الارتباطات الأكثر قوة بين اقتصادات العالم المختلفة. وتعتمد الكثير من الأمم اعتماداً كبيراً على الدول الأجنبية لإمدادها بالسلع الهامة، وهذه السلع تبدأ من المنتجات الصناعية التي يمكن الحصول عليها من الخارج بأسعار أقل من أسعار بيع المنتجات المحلية، إلى الموارد الطبيعية كالنفط والغاز.
  • تُعد التجارة الخارجية اليوم المحرك الرئيس للنمو الاقتصادي في مختلف الدول بصرف النظرعن فلسفاتها الاقتصادية وأسلوب إدارة اقتصاداتها الوطنية.
  • تعكس حجم النشاط الاقتصادي للدولة، علاوة على التفاعل والاعتماد المتبادل بين الدول، كما تعطي مؤشراً عن حجم انخراط الدولة بالاقتصاد العالمي ومشاركتها في تحقيق الشراكة الاقتصادية على الصعيد العالمي.
  • تكتسب المعاملات التجارية أهمية خاصة بالنظر لدورها في ربط الاقتصادات والمجتمعات ولكونها منفذاً لتصريف فائض الإنتاج عن حاجة السوق المحلية وبوصفها مؤشراً  لتنافسية الدول في الأسواق العالمية وانعكاساً لقدراتها الإنتاجية والتصديرية المتاحة والتي تصب بصورة مباشرة في الميزان التجاري ومستويات الدخول والرصيد من العملات الصعبة، او النقد الأجنبي.
  • تشير كثير من الأدبيات إلى وجود علاقة طردية بين التجارة والتدفقات الرأسمالية ومعدلات النمو الاقتصادي، حيث تسهم التجارة الخارجية إلى جانب ما سبق في نقل التكنولوجيا والمعارف والخبرات التسويقية الأخرى.

اتجاهات التجارة العالمية:

  • مع تصاعد دور الدبلوماسية الاقتصادية والتجارية في تطوير العلاقات بين دول العالم، فقد شهدت التجارة العالمية تحولاً كبيراً خلال العقود السبع الأخيرة، وكان حصاد ذلك ارتفاع وتيرة حجم التبادل التجاري العالمي، حيث ارتفعت قيمة التجارة العالمية من (121) مليار دولار عام 1948 إلى (34446) مليار دولار عام 2020).
  • يعكس ارتفاع قيمة التجارة العالمية وتخطيها لـــ (34) عام 2020 تريليون دولار حجم التطور في العلاقات الاقتصادية الدولية، وارتفاع درجة الاعتماد المتبادل بين أعضاء الأسرة الدولية.

التبادل التجاري السلعي العالمي (1948-2020)  مليار دولار

المنطقة19481953196319731983199320032020
الصادرات العالمية598415757918383688738017070
الواردات العالمية628516459418833805769617376
التجارة العالمية1211693211173372174931507634446

 

أهم الدول المصدرة للسلع في العالم

السنة19481973199320032020
الولايات المتحدة21.6%12.2%12.6%9.8%13.1%
ألمانيا1.4%11.7%10.3%10.2%8.1%
هولندا2.0%4.7%3.8%4.0%4.0%
الصين الشعبية0.9%1.0%2.5%5.9%15.2%
اليابان0.4%6.4%9.8%6.4%3.8%
فرنسا3.4%6.3%6.0%5.3%2.9%

 

  • يشير مشهد الصادرات العالمية خلال العقود السبعة المنصرمة إلى حصول تحولات كبيرة في الهيمنة على الصادرات السلعية العالمية،
  • ففي الوقت الذي كانت فيه الولايات المتحدة التي هندسة الاقتصاد العالمي والنظام النقدي العالمي لمصلحتها أثناء مؤتمر برتن ودوز وبعد الحرب الكونية الثانية هي أكبر مصدر للسلع في العالم، حيث استحوذت عام 1948 على خمسة الصادرات العالمية.
  • نجد اليوم بعد مرور (72) عاماً بأن الريادة والزعامة أصبحت للصين الشعبية شكلت صادراتها السلعية نحو (15.2%) من الصادرات العالمية لعام 2020، تليها الولايات المتحدة بنسبة (13.1%)، فألمانيا بنسبة (8.1%)، أي أن هذه الدول الثلاثة تستحوذ على أكثر من ثلث صادرات العالم، وهذا أن دل على شيء فإن يدل على نجاعة دبلوماسيتها الاقتصادية والتجارية.

ثانياً-الاستثمارات الأجنبية المباشرة :

  • تتمثل أهمية الاستثمار الأجنبي المباشر في إعطاء قوة دفع للاقتصاد المحلي بتحسين قدرته على التفاعل مع الاقتصاد العالمي والمشاركة في العملية الإنتاجية الدولية، بحيث يكون هذا الاستثمار جزءاً أساسياً من الرافعة التي تنقل الاقتصاد إلى اقتصاد أكثر كفاءة مرتبط بالاقتصاد العالمي.
  • تقوم العديد من دول العالم بتوقيع اتفاقيات دولية لحماية وتشجيع الاستثمار ولتحقيق التكامل الاقتصادي سواء في إطار جماعي تحت إشراف مؤسسات دولية وإقليمية، أو في إطار ثنائي مع الدول الأخرى ولاسيما الدول التي تحظى بعلاقات اقتصادية واستثمارية أو يؤمل أن تشهد تنامياً في العلاقات في هذا المجال.
  • تنبع أهمية هذه الاتفاقيات من كونها تمثل خط الدفاع الثاني بعد القوانين المحلية للمستثمر الأجنبي في حال نشوب نزاع بينه وبين الدولة المضيفة للاستثمار.
  • نظراً لتزايد الاتفاقيات الدولية الثنائية المبرمة بين الدول فيما يتعلق بالاستثمارات المتبادلة وحمايتها، وكذلك قيام معظم دول العالم بتشريع قوانين ترتبط بتحسين مناخ الاستثمار الجاذب للاستثمارات الأجنبية، نلاحظ تزايد حجم صافي الاستثمار الأجنبي المباشر على الصعيد العالمي خلال العقود الخمسة المنصرمة
  • ارتفعت تدفقات الاستثمار الأجنبي الصادر عالميا من قرابة (12) مليار دولار عام 1970 إلى (2199) مليار دولار عام 2015، ثم شهد انخفض خلال السنوات الخمس المنصرمة حنى وصل إلى(758) مليار دولار عام 2020 وذلك نتيجة للإغلاقات والتدابير الاحترازية التي قامت بها معظم دول العالم لمواجهة تداعيات جائحة كورونا، مما أثر على التدفقات الاستثمارية العالمية.

 

  • هبوط الاستثمار الأجنبي المباشر عام 2020 بنسبة (54.2%) من (1540) ترليون دولار عام 2019 إلى نحو 999 مليار دولار عام 2020.
  • انتهى الاستثمار الأجنبي المباشر العالمي عام 2020 أقل بــــــ (30%) بالمئة من المستوى المسجل إثر الأزمة الاقتصادية العالمية عام 2009، وفي مستوى غير مسبوق منذ تسعينات القرن الماضي

يلاحظ بأن الاستثمار الأجنبي المباشر الوارد قد انخفض على الصعيد العالمي بنسبة (-35 %) عام 2020 مقارنة بعام 2019 نتيجة جائحة كورونا، حيث تعرض الاقتصاد العالمي لانكماش اقتصادي غير مسبوق وصل إلى ( -3.3%) بواقع (-4.7%) في الاقتصادات المتقدمة و(-2.2%) في الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية

ثالثاالمساعدات الخارجية

Øتُعد المساعدات الأجنبية التي تقدمها الدول المتقدمة أحد أهم العناصر الرئيسة في تمويل التنمية الدولية وتشتمل هذه المساعدات على المنح الرسمية والقروض الميسرة التي تستهدف تحويل موارد مالية من الدول المتقدمة إلى الدول النامية لمساعدتها في جهودها الإنمائية.

Ø يتم إصدار المعونات الأجنبية بأحد طريقين: منح المعونات مباشرة من دولة متقدمة لدول نامية. أو تحويل المعونات من جهات متعددة كما هو الحال عندما تساهم الدول المتقدمة في بنك أو صندوق دولي للتنمية، ومن ثم يقوم الأخير بإقراض تلك الأرصدة لعدد من الدول النامية.

Øمن الأمثلة على ذلك مؤسسة التنمية الدولية ، الصندوق الدولي للتنمية الزراعية، صندوق أوبك للتنمية الدولية،الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي، البنك الإسلامي للتنمية.

Øأحد مميزات المعونات الثنائية Bilateral من وجهة نظر الدولة المانحة إن بإمكان الأخيرة منح القروض للدول تختارها نفسها: أضف لذك أن باستطاعة الدولة المتقدمة فرض قيود على طريقة استعمال الدول النامية للمعونة.

Øلعبت الدوافع السياسية دوراً هاماً للغاية في تقديم المساعدات والمعونات الخارجية، وهذا ما أكدته تجربة الدول المانحة الرئيسة، حيث قامت دول الكتلة الاشتراكية وفي مقدمتها الاتحاد السوفيتي في خمسينات وستينات القرن العشرين بتقديم العون لدول العالم الثالث.

Øكما اتجهت الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة لتوفير الدعم السياسي والاقتصادي والعسكري للدول النامية المتعاونة معها لاسيما الدول المهمة لها من الناحية الاستراتيجية.

  • شهد خلال العقود الستة المنصرمة نمواً متصاعداً في حجم المساعدات الإنمائية على الصعيد العالمي، حيث ارتفعت قيمة تلك المساعدات من (4.3) مليار دولار عام 1960 إلى قرابة (168) مليار عام 2019، أي أن المساعدات تضاعفت بأكثر من (39) ضعفاً.

  • الجزء الأكبر من المساعدات الإنمائية والمعونات الرسمية الدولية لعام 2019 قد ذهب إلى دول أفريقيا جنوب الصحراء، حيث استحوذت على حوالي (55.5) مليار دولار أي ما نسبته (33.1%) من إجمالي المساعدات على الصعيد العالمي.
  • تليها دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (29.1) مليار دولار وبنسبة (17.3%)، ثم دول جنوب آسيا (15.5) مليار دولار بنسبة (9.2%)
  • عند النظر على توزيع المساعدات الإنمائية والمعونات الرسمية الدولية بحسب الدول، نجد بأن سوريا كانت الدولة الأكثر استلاماً للمساعدات لعام 2019، حيث تلقت (10.2) مليار دولار أي ما نسبته (6.1%)، تليها أثيوبيا (4.8) مليار دولار وبنسبة (2.9%)، ثم بنغلاديش (4.5) مليار دولار وبنسبة (2.7%)، فأفغانستان (4.3) مليار دولار وبنسبة (2.6%)

رابعاً- العقوبات الاقتصادية

1) الحصار الاقتصادي Economic Embargo:

  • تستخدم الدولة الحظر الاقتصاديكأداة للسياسة الخارجية، والحظر يعني عدم تصدير سلعة معينة إلى دولة أو دول محددة لأسباب سياسية أو اقتصادية.
  • وقد يكون الحظر كلياً أي منعاً شاملاً لتصدير السلعة أو جزئياً أي منع تصدير السلعة بنسبة معينة مثال ذلك الحظر الجزئي الذي فرضته الدول العربية المنتجة للنفط على تصدير النفط للولايات المتحدة الامريكية وبعض الدول الغربية خلال حرب أكتوبر 1973.
  • كذلك الحصار الذي فرضتها الأمم المتحدة بعد حرب الخليج الثانية على العراق، والحصار الاقتصادي الذي تفرضه الولايات المتحدة على كل من كوريا الشمالية وكوبا وإيران.
  • الحظر هو أمر حكومي يقيد التجارة مع بلد معين أو تبادل سلع معينة. عادة ما يتم إنشاء الحظر نتيجة لظروف سياسية أو اقتصادية غير مواتية بين الدول. وهو مصمم لعزل بلد ما وخلق صعوبات لحكومته، مما يجبره على التصرف بشأن القضية التي أدت إلى الحظر

2) المقاطعة الاقتصادية Economic Boycott:

üعلى خلاف الحظر قد يكون الإجراء الاقتصادي المتبع هو المقاطعة Boycott، والمقاطعة تعني رفض استيراد السلع التي تنتجها دولة أو شركة معينة.

üتفرض المقاطعة  إمّا لاعتبارات اقتصادية أو سياسية لكنها كثيراً ما تفرض لاعتبارات سياسية مثل مقاطعة الدول العربية لإسرائيل والشركات الأجنبية التي تصنع فيها.

üتُعد المقاطعة أشد أنواع العقوبات الاقتصادية، فمن خلالها تتم عملية المنع التام من التعامل مع دولة ما، أو مع رعاياها، أو مع المؤسسات التابعة لها، أو الجهات والمؤسسات المؤيدة لها أو الداعمة لسياساتها، ومن هنا فهي درجات مختلفة.

üتعتبر المقاطعة الاقتصادية أداة سياسية بالدرجة الأولى.

ü وتعمل المقاطعة على تحقيق مجموعة من الأهداف منها: إحداث تغير معتدل نسبيًا في سياسات الدولة المستهدفة. أو ضرب استقرار حكومة الدولة المستهدفة. أو وقف مغامرة عسكرية محدودة. وإعاقة الامكانات العسكرية للدولة المستهدفة. وأيضًا إحداث تغيير جوهري في سياسات الدولة المستهدفة

 

خامساً- التعريفة الجمركية:

vتعتبر التعريفات الجمركية من أهم وأقدم الأدوات الاقتصادية، وتفرض الرسوم الجمركية بقصد تحقيق أهداف متعددة، فقد تفرض كأداة للحصول على إيرادات ماليّة؛ إذ إنّ الدولة التي تعاني من مشاكل مالية تجد ظلتها في الرسوم الجمركية كأداة للحصول على إيرادات تساهم في دعم الموازنة العامة للدولة.

vتفرض الرسوم الجمركية كأداة لحماية المنتوج الوطني من المنافسة الأجنبية، حيث أن فرض الرسم الجمركي على المنتجات المستوردة سيرفع في سعرها ويُحد من منافستها للمنتجات المحلية .

vتفرض الرسوم الجمركية كأداة للانتقام ضد دولة؛ إذ إنّ فرض التعريفة الجمركية على الموادّ المستوردة من دولة معينة سيؤدي بطريقة غير مباشرة إلى الحدّ من الاستيراد منها ووضع العوائق أمام منتجاتها.

v كما هو الحال عندما أقدم الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية على بعض الواردات السلعية من الصين ودول الاتحاد الأوربي ودول أخرى خلال عام 2018، لاسيما على الحديد والصلب والألمنيوم وغيرها من السلع، وقابلت هذه الدول بفرض رسوم جمركية على وارادتها من السلع والمنتجات الأمريكية.

vتراجعت أهمية التعريفات الجمركية في العصر الحديث لأن الحكومات الحديثة تفضل عادة حماية الصناعات المحلية من خلال مجموعة متنوعة من الحواجز غير الجمركية، مثل قيود على كمية الواردات، والقيود المفروضة على كمية الصادرات التي عادة ما تفرضها الدولة المصدرة بناءً على طلب الدول المستوردة).

سادساً – تجميد وتأميم الأرصدة

Øقد تستخدم الدولة تجميد الأرصدة أو تأميمها كإجراء اقتصادي لتحقيق هدف سياسي، وهذا الأجراء يعني تجميد أو تأميم الأرصدة والموجودات لدولة أجنبية داخل إقليم الدولة التي تلجأ إلى مثل هذا الشكل من الإجراءات الاقتصادية.

Øالتجميد يعني عدم السماح لدولة أجنبية باستخدام أرصدتها وموجوداتها داخل إقليم الدولة التي اتخذت إجراء التجميد حتى تستجيب الدولة الأجنبية للمطالب السياسية أو الاقتصادية المطلوب منها، مثال لذلك تجميد أمريكا للأرصدة والموجودات الإيرانية خلال أزمة الرهائن في السفارة الأمريكيّة في طهران عام 1979م.

Øقيام الحكومة الأمريكية  بتجميد أرصدة المصرف المركزي لأفغانستان البالغة (9.4) مليار دولار، وذلك بعد تولي حركة طلبان للسلطة في أفغانستان.

سابعاً-تخفيض قيمة العملة

qيٌعد تخفيض قيمة العملة المحلية، أحد أدوات الدبلوماسية الاقتصاديّة التي تلجأ إليها الدولة لتشجيع صادراتها إلى الدول؛ لأنّ التخفيض في قيمة العملة يقود إلى تقليل أسعار السلع المحلية في الخارج وهذا بدوره يقود إلى زيادة الطلب عليها، وهذا ما قامت وتقوم به دول كثيرة.

qتُعد الصين أكثر دول العالم استخداماً لهذا الأداة، الأمر الذي مكنها من الهيمنة على مشهد التجارة العالمية، وكانت هذه النقطة أحد عناصر الخلاف الأمريكي الصيني، فتصر الصين على الاعتماد على سعر منخفض لليوان الصيني وكان السبب الأساس الذي دفع الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب إلى اتخاذ إجراءات رادعة بحق الصين وذلك للتقليل من حجم العجز التجاري الأمريكي مع الصين.

ثامناً-القيود النقدية: Currency Regulations 

  • هي مجموعة من القيود التي تطبقها بعض الحكومات لحظر أو تقييد بيع أو شراء العملات الأجنبية من قبل المواطنين وبيع أو شراء العملات المحلية من قبل الأجانب. حتى عقد الثمانينات من القرن الماضي، كانت العملات النقدية كافة تخضع لصورة من صور الرقابة، والتي بدأت تتلاشى بصورة تدريجية في الاقتصادات الرئيسة مع ظهور التجارة الحرة والعولمة بشكل متسارع أثناء العقد الأخير من القرن العشرين.
  • ومع ذلك، فقد حافظت البلدان ذات الاقتصادات الأصغر والأكثر هشاشة على سيطرتها على سوق الصرف الأجنبي، بهدف تجنب المضاربة بعملاتها التي قد تخلق اختلالات في ميزان مدفوعاتها وتدفقات رأس المال مع ما قد يترتب على ذلك من عواقب وخيمة.
  • حينما تمارس الحكومة إجراء القيد النقدي، فهي تتولى بنفسها الإشراف على منح التراخيص الخاصّة بتحويل العملات للخارج وشراء العملات الصعبة مثل الدولار الأمريكي واليورو والين الياباني والفرنك السويسري.

الاندماج الاقتصادي Economic Integration:

  • يقصد بالاندماج الاقتصادي إلغاء القيود بين الوحدات الاقتصادية للأمة الواحدة أو بين الدول المختلفة إلى درجة حدوث انعكاس على استخدام عوامل الإنتاج والاستهلاك وأسعار الصرف. ويعني الاندماج الاقتصادي توحيد السياسات الاقتصادية المختلفة ومن ضمنها السياسة المالية وتوحيد النقد مع إيجاد سلطة عليا تكون قراراتها ملزمة للدول الأعضاء.
  • ينشأ الاندماج الاقتصادي مؤسسات عديدة تتخطى صلاحيتها الحدود القومية وتكون قراراتها ملزمة لجميع الدول الأعضاء في الاتحاد الاقتصادي. وعندما يتبنى الاتحاد الاقتصادي أوراقاً نقدية مشتركة لجميع الأعضاء، فإن الاتحاد يصبح اتحاداً نقدياً أيضاً، وهذا ما حدث في الاتحاد الأوروبي حيث اعتمد اليورو محل العملات المحلية للدول الأعضاء.
  • يُعد الاندماج الاقتصادي أداة من أدوات السياسة الخارجية؛ إذ من خلال هذا الاندماج تحقق الدول بعض المنافع الاقتصادية وتواجه به التحديات الاقتصادية التي ترفعها لها دول وتكتلات أجنبية.
  • أنّ الاندماج الاقتصادي قد يُشكل خطوة صوب الاندماج السياسي كما كانت الفكرة عند قيام السوق الأوربية المشتركة؛ إذ كان المؤسسون لها يتوقعون أن تقود الوحدة الاقتصادية إلى الوحدة السياسية، غير أن مبدأ السيادة القوميّة وتوسع دول السوق حال دون تحقيق هذه التوقعات وبقيت السوق مجرد وحدة اقتصادية.

الدبلوماسية الاقتصادية: نماذج دولية

أولاً- النموذج الأمريكي:

  • نشأت الدبلوماسية الاقتصادية في الولايات المتحدة خلال فترة حكم الرئيس دونالد روزفلت، وسميت آنذاك بدبلوماسية الدولار (أي تحقيق المصالح الأمريكية من خلال الدولار) وكانت وزارة الخارجية هي الأداة الرئيسة في تحقيق هذه المصالح، من خلال تمويل رجال الأعمال الأمريكيين بالخارج لتسيير أنشطتهم وأعمالهم الاقتصادية.
  • يٌعد مشروع مارشال الذي نفذته الولايات المتحدة في أواخر أربعينيات القرن الماضي لإعادة أعمار أوروبا الغربية من بواكير الأمثلة الناجحة للدبلوماسية الاقتصادية الأمريكية التي استطاعت من خلال هذا المشروع أن تبني جسور ومصالح مع الدول الغربية لمواجهة المد السوفيتي في خمسينات القرن الماضي، وكوسيلة للحد من انتشار الشيوعية.
  • قامت الولايات المتحدة الأمريكية عام 1961 بتأسيس الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية” “USAID كوكالة تابعة للحكومة الفدرالية لتنفيذ أنشطة وبرامج المساعدات الإنمائية في المناطق المختلفة بالعالم طبقاً لقانون المساعدات الخارجية.

-بالرغم من كون الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية تمثل إحدى وكالات الحكومة الأمريكية المستقلة من الناحية الفنية، بيد أنها تخضع لتوجيهات السياسة الخارجية للرئيس الأمريكي ووزير خارجية الولايات المتحدة ومجلس الأمن القومي. ويعمل مدير الوكالة في إطار توجيهات السياسة الخارجية وصلاحيات وزير الخارجية.

-أنشئت إدارة الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش عام 2004 مؤسسة تحدي الألفية كهيئة جديدة للمساعدات الخارجية لتوفير المساعدات المالية لعدد محدود من الدول التي يتم اختيارها لأدائها الجيد في التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وتقوم مؤسسة تحدي الألفية بتمويل بعض برامج المساعدات الإنمائية التي تديرها الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية. لمعلومات.

-أنشئت وزيرة الخارجية الأمريكية كونداليزا رايس في مطلع عام 2006، مكتب مدير المساعدات الخارجية الأمريكية التابع لوزارة الخارجية، لضمان الاستخدام الأمثل للمساعدات الخارجية بما يضمن تحقيق أهداف السياسة الخارجية. ووضع المكتب خططاً وبرامج للمساعدات الخارجية المتكاملة وإدارة الموارد في الولايات المتحدة والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية.

-غالباً ما توصف الدبلوماسية الأمريكية بدبلوماسية الجزرة والعصا. وهذا ما سعت الولايات المتحدة لتطبيقه في مناطق كثيرة في العالم خصوصاً التي تعيش حالات من عدم الاستقرار والنزاعات المسلحة.

  • شكلت المعونة الأمريكية إحدى أدوات الدبلوماسية الاقتصادية التي استخدمتها الولايات المتحدة لتمرير سياساتها الخارجية في عدة مناطق. وتجسد ذلك في استخدام سلاح الغذاء عام 1974 بعد حرب أكتوبر 1973 نتيجة لاستخدام العرب النفط كسلاح في المعركة.
  • كما استخدمت الولايات المتحدة الدبلوماسية الاقتصادية لنزع فتيل العديد من الأزمات، كما هو الحال في حل موضوع الملف النووي مقابل إنهاء العزلة الاقتصادية على إيران عام 2015، ونفس الحالة مع كوبا ودول أخرى في العالم.
  • الدور الديناميكي للدبلوماسية الاقتصادية للولايات المتحدة بلغة الأرقام من خلال استعراض الآليات المنفذة لهذه الديبلوماسية والمتمثلة في الاستثمارات والمساعدات الاقتصادية،
  • حيث ارتفعت تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة الصادرة من الولايات المتحدة من قرابة (278) مليار دولار عام 2010 إلى الخارج قرابة (304) مليار دولار عام 2017، وهو ما يشكل نحو(19%) من إجمالي تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة على الصعيد العالمي.

  • أما بالنسبة للمساعدات الإنمائية الرسمية المقدمة من الولايات المتحدة فقد ارتفعت من حوالي (10) مليار دولار عام 2000 إلى أكثر (33) مليار دولار عام 2019، وهو ما يشكل (23.6%) من إجمالي تدفقات المساعدات الإنمائية الرسمية على الصعيد العالمي، وقد شكلت نسبة المساعدات الإنمائية الرسمية للناتج القومي الإجمالي للولايات المتحدة (0.16%) لعام 2019.

  • ذهبت أعلى مساعدات عام 2019 إلى أفغانستان بقيمة (4839) مليون دولار أي بنسبة (14.5%) ،ثم إسرائيل ( 3308) مليون دولار بنسبة (9.9%). ثم الأردن (1723) مليون دولار بنسبة (5.2%)، ثم مصر (1248) مليون دولار بنسبة (3.7%)، يليها العراق (960) مليون دولار بنسبة (2.9%).
  • أغلب المساعدات الإنمائية الرسمية المقدمة من الولايات المتحدة تكون بشكل ثنائي، حيث بلغت (83.5%)، أما النسبة المتبقية (16.5%)، فتُقدم إلى المنظمات الدولية المتعددة الأطراف التي تقوم بدورها من خلال أنشطتها وبرامجها المختلفة بتقديم العون للدول لاسيما الدول الأقل نمواً.
  • يعكس ارتفاع حجم المساعدات الإنمائية الرسمية الثنائية التي تقدمها الولايات المتحدة للدول الدور الذي تعلبه هذه الآلية في تحقيق مكاسب على صعيد تنفيذ السياسة الخارجية الأمريكية في مناطق مختلفة من العالم.
  • استحوذ قطاع البنية التحتية والخدمات على النسبة الأكبر من المساعدات الثنائية الأمريكية، ثم المساعدات الإنمائية، فقطاع الإنتاج ، ثم الهيكل الاقتصادي.

 

ثانياً- النموذج الصيني في الدبلوماسية الاقتصادية

تاريخ الدبلوماسية الاقتصادية الصينية:

vالمرحلة الأولى ( 1949-1978) : مرحلة بناء النظام الاقتصادي الشيوعي وفي هذه المرحلة التي تم فيها الانقطاع عن معظم العالم، وفي هذه المرحلة أنشئت وزارة التجارة الخارجية، لإدارة أعمال التجارة الخارجية بشكل مركزي وموحد، وكانت مساهمة الصين فيها لم تتخطى 1.5% من تجارة العالم

vالمرحلة الثانية (1979-2000): مرحلة الانفتاح على  دول العالم . طبقت الصين تدريجياً سياسة الانفتاح على العالم الخارجي، لتعزيز تنمية التجارة الخارجية، وذلك انطلاقاً من المناطق الساحلية إلى مناطق داخل الصين

vالمرحلة الثالثة: (2001 حتى الآن): المرحلة التي باتت فيها جمهورية الصين الشعبية أحد القوى الكبرى في العالم، وفيها توجت الصين عام 2020 الأولى عالمياً بالتجارة الدولية بنحو (13.5%) من إجمالي تجار العالم.

vتعتمد الدبلوماسية الاقتصادية الصينية على الطرق البرية والبحرية، وعلى التعاون الإقليمي المشترك بين الصين والدول المجاورة، علاوة على التعايش بين القطاعات الاقتصادية القديمة والحديثة.

vإن إقامة الدبلوماسية الاقتصادية الصينية لا يهدف  فقط إلى تحقيق الشراكة  في التنمية مع العالم الخارجي، فحسب، وإنما أيضاً تحقيق متطلبات الإصلاح الاقتصادي في الداخل.

  • تستخدم الصين علاقاتها الخارجية المقامة مع دول نامية وأقل نمواً في تعزيز التعاون والتبادل الاقتصادي والتجاري الذي يطلق عليه “تعزيز الاقتصاد بالعلاقات الخارجية” حيث وقعت الصين منذ انضمامها إلى منظمة التجارة العالمية عام 2001 على العديد من اتفاقيات التعاون الاقتصادي والتجاري خلال الزيارات التي قام بها القادة الصينيين للعديد من دول العالم.
  • أدى ذلك إلى ارتفاع معدل النمو السنوي في الصادرات والذي وصل إلى (7.7%) عام 2013، ومعدل نمو الواردات إلى (9.9%)، كما ارتفعت الأهمية النسبية للصادرات الصينية في التجارة العالمية خلال العقدين المنصرمين، حيث ارتفعت من (3.9%) عام 2000 إلى (13.2%) عام 2019، ومن المتوقع إن تصل إلى (15%) 2030. ووصلت الواردات الصينية إلى (2077) مليار دولار مثلت (10.8%) من الواردات العالمية.
  • شهدت الدبلوماسية الاقتصادية الصينية مجموعة تغيرات جديدة، منها دفع اتفاقية التجارة الحرة، واستخدام العامل الاقتصادي كأداة ترغيب لا ترهيب.
  • اتباع الصين العولمة البديلة من خلال تقديم نفسها كصديق ليس له تاريخ استعماري سابق في افريقيا، ولا يفرض شروطاً معينة لمنحه القروض لدعم التنمية أو لدخول شراكات في البنية التحتية لدعم البنى التحتية المتهالكة في افريقيا بل هو يقدم  نفسه دائما كصديق  يسعى لتعظيم المصالح المشتركة من خلال دعم التنمية الاقتصادية بالقارة مقابل دعم القادرة للصين بالموارد الخام إلى جانب الدعم المتبادل في المحافل الدولية.
  • كما اتخذت إجراءات مختلفة، بما في ذلك تخفيض وإعفاء التعريفة الجمركية في إطار تعزيز التعاون جنوب- جنوب أعلن الرئيس الصيني هو جين تاو في القمة السادسة لمجموعة العشرين((G20 التي عُقدت عام 2011 بمدينة كان الفرنسية عن عزم بلاده تطبيق معاملة التعريفة الجمركية الصفرية لـ97% من الصادرات في بنود التعريفة الجمركية للدول الأقل نمواً ذات العلاقات الدبلوماسية مع الصين لفتح الباب أمام صادرات الدول النامية إلى الصين.

  • أعفت 31 دولة افريقية من ديون قيمتها 6.6 مليار دولار، وأعلنت عن تقديم معاملة التعريفة الجمركية الصفرية لـــ190 سلعة واردة من 29 دولة إفريقية أقل نمواً ذات علاقات دبلوماسية مع الصين، الأمر الذي ساهم في إرساء قاعدة ممتازة لتطوير العلاقات الخارجية والتعاون الاقتصادي بين الصين والدول الأفريقية.
  • تصاعد الدور الديناميكي للصين على صعيد الدبلوماسية الاقتصادية بعد النمو الاقتصادي الكبير الذي شهدته خلال العقدين المنصرمين والذي وصل إلى )9.9%) كمتوسط للفترة (1998-2007) ولم ينخفض عن (7%) طيلة الفترة (2008-2015).
  • ساهم الاستثمار الأجنبي المباشر دوراً بالغ الأهمية في تعزيز الدبلوماسية الاقتصادية الصينية، حيث فتحت الصين أسواقها للاستثمار الأجنبي المباشر، علاوة على زيادة تدفقات الاستثمارات الصينية بالخارج.
  • شهد الرصيد التراكمي للاستثمارات الأجنبية المباشرة الواردة للصين، ارتفاعاً كبيراً، حيث ارتفعت من(193.4) مليار دولار عام 2000 إلى حوالي (1769) مليار دولار عام 2019 ، كما زادت تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر الداخل للصين من (114.7) مليار دولار عام 2010 إلى (141.2) مليار دولار عام 2019 أي حققت زيادة بنسبة(23.1%) .

  • زادت الاستثمارات الصينية المباشرة في الولايات المتحدة خلال السنوات الخمسة المنصرمة حتى وصلت إلى (189) مليار دولار عام 2019 مقارنة بـــ(15) مليار عام 2015 وبلغ عدد الشركات المملوكة لصينيين في الولايات المتحدة مع نهاية عام 2016 نحو(3200) شركة تشغل أكثر من (140) ألف عامل أمريكي وهو رقم أكثر من تسعة أضعاف مما تم تسجيله عام 2009.
  • العدد المتزايد من العمال الأمريكيين الذين توظفهم الشركات الصينية يتفق مع سياسة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب باعتماد الدبلوماسية الاقتصادية كأداة لخلق المزيد من فرص العمل في البلاد.
  • بدأت الصين باستغلال التجارة والاستثمار والمساعدات وغيرها من الوسائل الاقتصادية لزيادة إمكانية نجاح أهدافها الاقتصادية، حيث قدمت الصين منذ تأسيسها الكثير من المساعدات الاقتصادية للعديد من الدول النامية، فشيدت مباني معلمية في بعض تلك الدول، وعززت التنمية الاقتصادية فيها، مما خلق صداقة عميقة بينها وبين الصين .

نظرة عامة عن التعاون الإنمائي الصيني

  • كررت الحكومة الصينية التزامها بإحداث تأثير إيجابي عالمي من خلال المساعدات الخارجية، وإن المساعدات الخارجية جزء لا يتجزأ من تعاون مبادرة الحزام والطريق.
  • تعهدت الصين بموجبه مبادرة الطريق والحزام بمئات التعهدات لدعم مختلف البلدان والمناطق حول العالم بطرق مختلفة.وان التعاون المالي لمبادرة الحزام والطريق كان حتى الان موجهاً إلى حد كبير نحو الدول النامية
  • في الواقع، الصين ليست مجرد “جهة فاعلة واحدة”، وتأتي مساعداتها المالية في أشكال عديدة، ليس فقط منح (مجانية) ولكن أيضًا قروض بدون فوائد، وشروط ميسرة، وتجارية بمختلف الأطوال والاستثمار الأجنبي المباشر

أشكال تقديم التعاون الإنمائي الصيني

Øمجموعات كاملة من المشاريع (المعروفة أيضًا باسم “تسليم المفتاح” أو المشاريع القائمة على البنية التحتية).

Øالمساعدة السلعية (أي المعدات والسلع والمواد المصدرة إلى بلدان أخرى).

Øمشاريع التعاون الفني.

Øالتعاون في مجال الموارد البشرية.

Øإرسال فرق طبية صينية.

Øالمساعدات الإنسانية الطارئة.

Øبرامج المتطوعين.

Øالإعفاء من الديون.

طرق تمويل مساعدات التنمية الصينية

أ- المنح أو التبرعات: تُستخدم المنح أو التبرعات في الغالب لمساعدة حكومة البلد المتلقي في بناء مشاريع الرعاية الاجتماعية مثل المستشفيات والمدارس والإسكان. كما أنها تستخدم لتوفير السلع والمواد ومساعدات الإغاثة الإنسانية الطارئة في حالات الكوارث، ولتدريب الموظفين.

ب- قرن بدون فوائد: يتم تقديمه عادة عندما ترغب الدول المتلقية بناء مشروع “تسليم مفتاح”. عندما تتنازل الصين عن الديون، فإنها غالبًا ما تكون لهذا النوع من القروض. ولكن يمكن أيضًا تقديم هذه الأنواع من القروض بدون فوائد لأنواع أخرى من المشاريع.

ج- قرض بشروط ميسرة: تحمل هذه القروض فائدة، ولكن بمعدلات “منخفضة”. عادة ما يكون لديهم فترة سماح لا تقل عن عامين، ويمكن أن تمتد أقساط السداد لأكثر من 10 أو حتى 20 عامًا. تميل هذه القروض إلى تقديمها لمشاريع البنية التحتية الكبيرة، ويتم تقديمها مباشرة من قبل بنك التصدير والاستيراد الصيني

المجالات التي قدمت فيها المساعدات الخارجية ومشروعات التعاون الفني

Øالتنمية الزراعية

Øتطوير مستوى التعليم

Øتطوير الخدمات الطبية والصحية

Øبناء تسهيلات الرفاهية العامة

Øمساعدات إنسانية

Øتعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

 

  • عززت الصين مع مطلع القرن 21 قدرتها كلاعب رئيسي في المساعدات المقدمة لأفريقيا من خلال إنشاء منتدى للتعاون بين الصين وإفريقيا الذي ضم (44) بلد أفريقي، وتعهدت الصين بتقديم تمويل لتخفيف عبء الديون وبرامج التدريب والاستشارات، كما تم تأسيس مجلس الأعمال بين الصين وإفريقيا والذي تفاوض على إلغاء (1.2) مليار دولار من الديون.
  • اتجهت الصين لتنفيذ عدد من التطويرات منذ عام 2006 لاحتواء القارة الإفريقية اقتصادياً، أبرزها إنشاء صندوق بقيمة (5) مليارات دولار كقروض ميسرة وتجارية، وتعهدت بمضاعفة المساعدات وبناء (30) مستشفى وتدريب (15) ألف إفريقي في مجالات مختلفة.
  • تم الإعلان في منتدى التعاون بين الصين وأفريقيا الذي عُقد بجوهانسبرغ بجنوب أفريقيا في ديسمبر 2015 عن تقديم مساعدات وقروض بدون فائدة لإفريقيا بقيمة (60) مليار دولار للمساعدة في جهود تنمية القارة، علاوة على منح دراسية وتدريب لآلاف الإفارقة .
  • تجه المساعدات الاقتصادية الصينية الموجهة لإفريقيا إلى جميع القطاعات تقريباً من الاتصالات حتى  الصحة. وتذهب أكبر كمية من تمويل المساعدات نحو قطاعات الاتصالات والنقل والتخزين والطاقة، وتوجه حصة كبيرة تقدر بنحو (70٪) من أجل تطوير البنية التحتية.
  • تتخطى المساعدات الصينية في البنية التحتية نظيرتها لدى المانحين الآخرين، وتمثل أكثر من (30٪) من القيمة الإجمالية لمشاريع البنية التحتية في إفريقيا. واستفادت أيضًا قطاعات التعليم والصحة في إفريقيا بصورة ملحوظة.

 

طريق الحرير نموذج رائد للدبلوماسية الاقتصادية الصينية

  • اطلقت الصين في عام 2015الوثيقة الإرشادية لمبادرة الحزام والطريق والرؤية والإجراءات المعتزمة بشأن التأسيس المشترك للحزام الاقتصادي لطريق الحرير البري والطريق البحري للقرن الحادي والعشرين.
  • حددت الرؤية الأنواع الخمسة لأولويات التعاون التي ستستخدم لإنشاء مبادرة الحزام والطريق وهي: تنسيق السياسات وربط التسهيلات والتجارة الحرة والتكامل المالي والترابط بين الشعوب.
  • تركز هذه الأولويات على الأهداف التنموية والاقتصادية ولم يتم تناول المخاوف الأمنية والتدابير الأمنية الصارمة، وهذا مؤشر هام على اهتمام الصين بالتركيز على فرض السلطة والنفوذ من خلال القوة الاقتصادية أكثر من القوة العسكرية.
  • قبل عقد منتدى الحزام والطريق في مايو 2017، اكتسبت المبادرة زخماً كبيراً ،إذ أولتها بعض الدول اهتماماً كبيراً وقاموا بإدراجها ضمن علاقاتهم مع الصين ومع البرامج التنموية. وحضر وفود من أكثر من (130) دولة.
  • في المؤتمر التاسع عشر للحزب الشيوعي الصيني في أكتوبر 2017، تم إدراج المبادرة بشكل رسمي في الدستور الخاص بالحزب من خلال الإشارة إلى أن نجاحها كان ركيزة هامة للمضي قدماً بسياسة الصين الخارجية
  • تعد مبادرة الحزام والطريق من أهم المبادرات المعنية بالدبلوماسية الاقتصادية الصينية ، حيث يربط طريق الحرير الاقتصادي بين قارات العالم الثلاث آسيا وأفريقيا وأوروبا والذي ستتمكن الصين من خلاله المرور بتجارتها عبر أكثر من (61) دولة يبلغ عدد سكانها قرابة (4.4) مليار نسمة، وباستثمارات تبلغ حوالي (21) تريليون دولار.
  • يمر الطريق عبر ثلاثة محاور تجارية رئيسة ، المحور الأول يبدأ من مدينة شيان مروراً بتشانغيانغ في شمال غرب البلاد وعاصمتها آروموتشي انطلاقاً إلى دول وسط آسيا ثم روسيا وتركيا وانتهاءاً في روتردام بهولندا. اما المحور الثاني يبدأ من مدينة شنغهاي ثم جنوباً إلى وسط آسيا فباكستان والهند إلى دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية وبلاد الشام ثم تركيا وينتهي في وسط أوربا.
  • المحور الثالث وهو الطريق البحري ، فيبدأ من مدينة فوتشو شرق الصين عبر المحيط الهندي ، ثم البحر الأحمر وقناة السويس وينتهي في إيطاليا .
  • أعلن الرئيس الصيني في نوفمبر 2014 عن إنشاء صندوق طريق الحرير باستثمار قيمته (40) مليار دولار، وفي نفس العام تم تأسيس شركة صندوق طريق الحرير المحدودة في بكين لتقديم الدعم التمويلي اللازم للبنية التحتية وتنمية الموارد ومشروعات التعاون الصناعي وغيرها في الدول الواقعة على طول الحزام والطريق . كما سيسهم صندوق طريق الحرير في خلق فرص تنموية للدول المعنية وتحفير الاستثمارات المشتركة.
  • سجلت التجارة الصينية مع الدول الواقعة على طول الحزان والطريق ارتفاعاً بنسبة (13.2%) ليصل حجمها إلى (879) مليار دولار خلال التسعة شهور الأولى من عام 2018 بنسبة ارتفاع 3.5% عن مستوى النمو للتجارة الصينية في الفترة ذاتها عام 2017 ، وشكل الحجم ما نسبته (27.3%) من إجمالي تجارة الصين الخارجية.
  • أنشئت الصين علاقات تعاونية مع (61) دولة واقعة على طول الحزام والطريق، ووقعت (64) اتفاقية خلال العام 2018.

مقومات الاستفادة العربية من مبادرة الحزام والطريق

  • الانفتاح الجغرافي: تقوم المبادرة على فلسفة تتخطى المفهوم التقليدي الضيق لمشروعات التعاون الإقليمي بمعنى أنها لا تستند إلى تعريف جغرافي وجيو سياسي مغلق يقصرها على إقليم جغرافي بعينه . وبالمقابل تقوم المبادرة على مفهوم يسمح بضم عدد أكبر من الدول المتباينة سياسياً واقتصادياً وثقافية، وعدد أكبر من الأقاليم الجغرافية.
  • الربط الوثيق بين التجارة والتنمية : شهد النصف الثاني من القرن 20 الإعلان على العديد من مشروعات التكامل الإقليمي وتحرير التجارة بين الدول النامية ، غير أنها لم تستطيع ان تحقق أي من أهدافها المعلنة ، لأنها لم ترتبط بمشروعات تنموية حقيقية، في حين أن المبادرة تنطوي على مكاسب اقتصادية محتملة لتضمنيها مشروعات تنموية إلى جانب التجارة.
  • القدرات المالية الضخمة للمبادرة: يأتي في مقدمة هذه المؤسسات صندوق طريق الحريرSRE الذي تأسس عام 2014 برأسمال (40) مليار دولار والبنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية الذي بدء اعماله عام 2015 في توفير القروض والتسهيلات لتنفيذ مشروعات المبادرة.
  • البناء على الأطر الثنائية والإقليمية واستبعاد بناء تنظيم جديد باستثناء صندوق طريق الحرير والبنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية. وتعتمد المبادرة على الأطر الثنائية والإقليمية منها:
  • منظمة شنغهاي للتعاون ، حوار التعاون الآسيوي، رابطة الآسيان ، القمة الآسيوية الأوروبية، منتدى التعاون بين الصين والدول العربية ، الحوار الاستراتيجي بين الصين ومجلس التعاون ، ومنتدى الصين وأفريقيا للتعاون ، وغيرها من الترتيبات.

ثالثا- النموذج الفرنسي

Øتمثل الدبلوماسية الاقتصادية أولوية رئيسة لوزارة الخارجية الفرنسية، وتهدف هذه الدبلوماسية إلى ترويج المصالح الاقتصادية لفرنسا من خلال دعم المؤسسات والشركات الفرنسية في الأسواق الخارجية، واستقطاب الاستثمارات الأجنبية المباشرة التي تستحدث الوظائف المهمة في الحد من معدلات البطالة داخل.

Øتسعى البعثات الدبلوماسية الفرنسية المنتشرة في العالم وشبكة المستشارين الاقتصاديين، ووكالة أوبي فرانس Ubifrance نحو تطوير المنشآت على الصعيد الدولي، ومجموعة الكوفاس Coface للضمانات، ووكالة الاستثمار في فرنسا”AFIIالمعنية بالاستثمارات الأجنبية، والغرف التجارية، وشبكة مستشاري التجارة الخارجية، إلى أداء مهماتها في تعزيز الدبلوماسية الاقتصادية الفرنسية بالصورة المثلى.

Øوضعت خطة عمل خاصة بالدبلوماسية الاقتصادية الفرنسية عام 2012 تمثلت أهم معالمها بالآتي:

1- إدراج دعم المنشآت على الصعيد الدولي لاسيما المنشآت الصغيرة والمتوسطة  والمنشآت المعتدلة الحجم، وترويج الوجهة الفرنسية لدى المستثمرين الأجانب، ضمن التعليمات الدائمة ذات الأولوية لشبكة البعثات الدبلوماسية المنتشرة بالخارج.

2- استحداث إدارة بوزارة الشؤون الخارجية مخصصة تحديداً لدعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة والمنشآت الكبيرة المعتدلة الحجم، وللشؤون الاقتصادية.

3- تعيين السفير على رأس” فريق  فرنسا للتصدير” بحيث يضم في كنفه جميع البنى العامة المعنية بدعم المنشآت على الصعيد الدولي، ويعمل على تبسيط هذه البنى عند الحاجة.

4- وضع إجراءات بسيطة تتيح للمنشآت عرض تطلعاتها ومصالحها قبل المفاوضات وفي إثنائها، وذلك في كل بعثة دبلوماسية تعالج القضايا التنظيمية أو القانونية.

5- الدفاع بانتظام عن مبدأ التبادل في المفاوضات الأوروبية والدولية، وتعزيز الجانب الاقتصادي في الزيارات واللقاءات الوزارية.

6- تعزيز الجانب الاقتصادي في برامج تعليم أعضاء السلك الدبلوماسي وتشجيع توظيف الأشخاص ذوي المؤهلات الاقتصادية، ولاسيما في مجالات التصدير والمشكلات الخاصة بالمنشآت الصغيرة والمتوسطة والابتكار.

7- زيادة انفتاح وزارة الشؤون الخارجية على المنشآت وتنمية الحوار المنتظم مع الشركاء الاقتصاديين والاجتماعيين(مثل البرنامج السنوي “يوم مفتوح في وزارة الشؤون الخارجية”، وبث الرسائل للمنشآت من خلال النشرات الصحفية، ونشر المعلومات الاقتصادية على مواقع الإنترنت، ومواقع التواصل الاجتماعي التابعة للوزارة.

Øساهمت هذه الخطة في تعزيز الدور الديناميكي للدبلوماسية الاقتصادية والذي تجسد في ارتفاع الرصيد التراكمي لتدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة الفرنسية بالخارج من حوالي (112.4) مليار دولار عام 1990 إلى قرابة (1722) مليار دولار عام 2020.أي تضاعف بنحو (15) مرة.

Øشهد صافي المساعدات الإنمائية الرسمية المقدمة من فرنسا نمواً ملحوظاً خلال الفترة (2000-2019)، حيث ارتفعت قيمة صافي هذه المساعدات من حوالي (7) مليار دولار إلى قرابة (12.5) مليار دولار أي بنسبة زيادة قدرها (38.9%).

Øشكلت المساعدات المقدمة ما نسبته (0.44%) من الدخل القومي الإجمالي الفرنسي للعام 2019، ومثلت المساعدات المقدمة في إطار ثنائي قرابة الثلثين.

Øاستحوذت الدول الأفريقية جنوب الصحراء على حوالي (33%) من إجمالي المساعدات الفرنسية المقدمة عام 2018 ، تليها دول الشرق الأوسط وشمال افريقيا بنسبة (18%)، ثم دول أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي بنسبة (12%).وكانت كولومبيا و المغرب وإندونيسيا  والكاميرون والسنغال في مقدمة الدول المتلقية للمساعدات الفرنسية للعام 2018.